هل نحن في طريق الهاوية ؟

بقلم : علي بن سالم المجيني
تربوي و خبير تخطيط سابقا
ان للحداثة والعولمة عوائق عديدة على حياة الانسان على الرغم من انتاجها المتعاظم على الفكر وعلى الادوات المستخدمة فتطور الانترنت وما قاد الى الان في ظهور الذكاء الاصطناعي اللذان اوجدا معجزة علمية و تقنية في مجالات مختلقة
يقول الباحث الفرنسي ادغار موران في كتابه نحن نسير الى الهاوية : (ان اشكال التطور الواقعة في العلوم و التقنيات والصناعة والاقتصاد وهي المحرك اليوم للمركبة الفضائية الارض لا يحكمها شي من سياسة ولا اخلاق ولا فكر ) فالى اين يسير بنا هذا التقدم المتسارع في جميع المجالات الحياتية خاصة ما يتعلق منها بالتقنيات والبرمجيات وهي ما القت العولمة بظلالهما على البشرية منذ مطلع القرن الماضي .
هذه التقنيات لم تنحصر في ما هو كائن بين ايدينا من اجهزة لوحية ومنزلية بل ما تنتجه ايضا الصناعات الحربية من اجهزة و تقنيات هجومية و دفاعية متمثلة في حرب الانسان للانسان و تدمير الارض و التسارع في زوالها بدلا من تعمير الارض والمحافظة عليها و استأناس الانسان بها و لكي تكون واحته و جنته التي يورثها لاجياله لكي يعيشوا في راحة بال وهناء وسؤدد
وحين نتطرق الى المنافع للتقنيات الحديثة فانه لا يكفي هذا المقال الى تعددها ونوجزها في سهولة الوصول إلى المعلومات و توفر الإنترنت مع تحسين وتسهيل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني و التواصل بين الأفراد في جميع أنحاء العالم كذلك تعمل على تحسين كفاءة العمل من خلال أدوات مثل البرمجيات الآلية وتسهم في تحسين الرعاية الصحية من خلال التشخيص المبكر والعلاج عن بُعد و توفر إمكانية التعلم من أي مكان عبر منصات التعليم الإلكتروني ولا نعلم ايضا الى ماذا تقودنا من هذه التطورات الحديثة اذا اسميناها بلا شك بالايجابية والمهمة للبشرية وكل من يسكن هذه الارض ..
اما اذا تطرقنا في هذا الصدد الى مضارها المختلفة وخاصة على المستوى الاجتماعي وهو الجانب الاخطر لكون تلك الاجهزة في متناول الجميع الطفل و المراهق والكهل وحتى ان بعضهم لا يفارق راسه حيث يمكن أن تؤدي الاستخدام المفرط للأجهزة إلى الإدمان وفقدان التوازن في الحياة اليومية واذا وجدت تجربة انقطاع الانترنت فترة بسيطة لتحول ذلك الادمان الى حالة من عدم السيطرة على افعاله وكأنه منعزل عن عالمه و صداقاته و شخوصه المرتبط بهم عبر ذلك الجهاز او مايسمى الانقطع عن العالم فلا يستطيع حتى العيش في عزلة عنه وهناك العديد من الدراسات العلمية تحدثت على المخاطر في استخدام الهاتف المحمول فدراسة أجريت في 2012 تشير إلى أن 60% من المشاركين يخشون ترك هواتفهم المحمولة أو الانفصال عنها كذلك ما زال الجدل مستمرا حول تأثير الاشعاعات من الهواتف من الاصابة من السرطان في الاذن حيث تقول منظمة الصحة العالمية ان اشعة الهاتف قد تكون مسرطنة للبشروهذا يدعو الى القلق ومن الامراض ألم في العنق و قلة النوم فقد أظهر استبيان أجرته جامعة ستانفورد عام 2010 أن النوم بجانب الهاتف المحمول يجعل الشخص يواجه صعوبات فيه، وذلك بسبب أضواء الهاتف التي يعتقد أنها تربك إفراز مادة الميلاتونين في الدماغ التي لها علاقة بتنظيم النوم ،واستخدامك المفرط لها قد تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى تآكل الروابط العائلية والاجتماعية، مما يسبب ضعف العلاقات الإنسانية.
كذلك تتعرض المعلومات الشخصية للخطر من خلال التجسس والاختراقات وهذه يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالقلق والاكتئاب و قد تؤدي ايضا إلى تراجع في التفاعل الشخصي بين الأفراد ، واعتمادنا على التكنولوجيا المفرط يؤدي الى الوقوع في ازمة فكرية و اجتماعية و تنعكس على الجانب الصحي فينما تقدم التقنيات الحديثة فوائد كبيرة، يجب أن نكون واعين للمخاطر المرتبطة بها ونسعى لتحقيق توازن صحي في استخدامها.
يمكن القول إن التشاؤم قد يكون نتيجة لتأثيرات محيطة، ولكنه أيضًا يعكس الوعي بالواقع ومن المهم البحث عن الأمل والفرص وسط التحديات، وتحفيز التفكير الإيجابي
اننا في عصر يلزم عليك استخدام هذه التقنيات ومن بينها الهواتف الذكية الا اننا لا بد من الوعي التام للاستخدام والذي يقودنا الى عدم الاضرار بالسلوكيات والقيم الاجتماعية وعلى المخترعين بجانب فكرهم ان بؤطروا الحس الاخلاقي و تنظيم الاستخدام الاقتصادي والسياسي وبحيث يعيش الانسان في مأمن و رخاء .



