دراسة بحثية: خلو الحليب والبيض في أسواق سلطنة عمان من بقايا المضادات الحيوية

وهج الخليج ـ مسقط
أكدت دراسة عملية عمانية بعنوان “تقييم متبقيات المضادات الحيوية في الحليب والبيض المتوفران في السوق العُماني حيث أظهرت نتائج الدراسة بخلو الحليب والبيض المتوفرَين حاليًا في السوق العماني من بقايا المضادات الحيوية، ويعتبران آمنين للاستهلاك البشري اليومي وبينت النتائج والتي أشارت إلى وجود نظام رقابي فعال في المزارع وأسواق التوزيع.
 وتأتي سعيا قي إطار الجهود البحثية للإسهام في تعزيز الرقابة الغذائية، وحماية المستهلك في سلطنة عُمان من المخاطر المرتبطة ببقايا الأدوية في المنتجات الغذائية اليومية حيث أجرى فريق بحثي برئاسة الدكتورة سمية بنت عبدالله الكندية، أخصائية أبحاث ودراسات في كلية الصيدلة بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا جاءت ضمن المشاريع البحثية الممولة من برنامج التمويل المؤسسي المبني على الكفاءة، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
 وتم إجراء هذه الدراسة بعد الاطلاع على الدراسات البحثية العالمية، والأدبيات المنشورة السابقة قبل إجراء هذه الدراسة البحثية، والتي أثبتت واقع التهديدات المتزايدة المرتبطة بسلامة الغذاء، وخاصة فيما يتعلق بوجود بقايا الأدوية البيطرية، كالمضادات الحيوية، في المنتجات الحيوانية المستهلكة بشكل يومي مثل الحليب والبيض، حيث تمثل بقايا هذه الأدوية خطرًا على الصحة العامة، ليس فقط من ناحية التأثيرات السامة المباشرة، بل لارتباطها المباشر بتفاقم ظاهرة مقاومة المضادات الحيوية، التي تُعد من أكبر التحديات الصحية في العصر الحالي، وهو ما يبرز الحاجة إلى دراسات علمية معمقة لتقييم مستوى الخطر، وتعزيز وعي المستهلك، وتحسين السياسات الرقابية ذات العلاقة.
 وسعت الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العلمية والعملية، منها تقييم مدى وجود بقايا المضادات الحيوية في عينات من الحليب والبيض المتوفرة في السوق العماني، سواء من المنتجات المحلية أو المستوردة، لتحديد مدى التزامها بالحدود المسموح بها من قبل الهيئات الرقابية الدولية، وهدفت الدراسة إلى تحديد المصادر الأكثر أمانًا من حيث خلوها من بقايا الأدوية البيطرية، وتكوين قاعدة بيانات علمية حول مستويات هذه المتبقيات في الأغذية المحلية، فضلاً عن دراسة انعكاساتها الصحية المحتملة، كما طمحت الدراسة إلى المساهمة في تطوير برامج توعوية تسهم في رفع الوعي المجتمعي بقضايا سلامة الغذاء، وتعزيز الشراكة البحثية بين المؤسسات الأكاديمية والجهات التنظيمية المعنية.
 كما اعتمدت الدراسة منهجًا تحليليًا تجريبيًا قائمًا على الفحص المخبري الدقيق لعينة ممثلة من المنتجات الغذائية الحيوانية في السوق المحلي، حيث تم جمع (124) عينة من الحليب الطازج، و(129) عينة من البيض البني، وشملت العينات علامات تجارية محلية ومستوردة، وتم استخدام طريقة تحضير وتحليل عينات معتمدة في المختبرات، وتُستخدم لاستخلاص بقايا المبيدات أو الأدوية (مثل المضادات الحيوية) من المنتجات الغذائية قبل تحليلها بالأجهزة الدقيقة وذلك لاستخلاص المواد المستهدفة، تلتها عملية تحليل كيميائي باستخدام تقنية الكروماتوغرافيا السائلة المقترنة بمطياف الكتلة، وهي من التقنيات المتقدمة التي تتيح الكشف عن كميات ضئيلة جدًا من المركبات الكيميائية، وشمل التحليل (35) مركبًا دوائيًا بيطريًا ينتمي إلى خمس مجموعات رئيسية من المضادات الحيوية.
 وقد أظهرت نتائج التحليل المختبري أن جميع عينات الحليب، سواء المحلية أو المستوردة، كانت خالية تمامًا من أي بقايا للمضادات الحيوية الخاضعة للفحص، مما يشير إلى مستوى عالٍ من الرقابة والامتثال للمعايير الصحية في منتجات الألبان، أما فيما يتعلق بعينات البيض، فقد كانت أيضًا خالية من المتبقيات، باستثناء ست عينات من علامة تجارية واحدة احتوت على مادة التايلوسين، وهي من مجموعة الماكروليدات، إلا أن تركيز هذه المادة في العينات كان ضمن الحد الأقصى المسموح به وفقًا للمعايير الدولية، وبناءً على هذه النتائج، خلصت الدراسة البحثية إلى أن الحليب والبيض المتوفرَين حاليًا في السوق العماني يُعدان آمنين للاستهلاك البشري، كما أشارت النتائج إلى وجود نظام رقابي فعال في المزارع وأسواق التوزيع، ساهم في الحد من انتقال بقايا الأدوية البيطرية إلى المستهلك.
 وأوصت الباحثة بضرورة توسيع نطاق التحليل المختبري ليشمل عددًا أكبر من العلامات التجارية والمنتجات، سواء كانت محلية أو مستوردة، لضمان مراقبة شاملة وأكثر تمثيلًا للسوق العماني، كما أبرزت النتائج أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي حول الاستخدام البيطري للمضادات الحيوية في تربية الحيوانات، وآثاره المحتملة على صحة الإنسان ومشكلة مقاومة المضادات، وشددت الدراسة البحثية على أهمية الاستمرار في دعم برامج الرقابة والفحص الدوري، وتعزيز التعاون بين الجهات الأكاديمية والمختبرات الرقابية لضمان سلامة الأغذية ومطابقتها للمعايير الصحية العالمية.
 
  
 




