جوتا.. قصة شاب صغير حقق حلمه بالدوري الإنجليزي وخطفه الموت مبكرا
وهج الخليج ـ وكالات
كان ديوجو جوتا، باعترافه الشخصي، “شابا صغيرا” من بلدة في شمال البرتغال، لكنه كان يحمل حلما كبيرا هو اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وحقق جوتا، الذي توفي اليوم الخميس عن عمر 28 عاما، هذا الحلم وأكثر بكثير. وخلال أسابيعه الأخيرة قبل الوفاة، حقق جوتا بعض الإنجازات المذهلة.
وذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) أنه فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مع ليفربول في مايو الماضي، وشارك كبديل في المباراة الأخيرة من الموسم أمام كريستال بالاس. ومطلع يونيو حقق إنجازا آخر مع البرتغال، حيث كان ضمن الفريق الذي توج بلقب دوري أمم أوروبا. ويوم 22 يونيو تزوج جوتا شريكته روت كاردوسو، أم أطفاله الثلاثة، ووصف الزواج على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ساعات من وفاته بأنه “يوم لن ينساه أبدا”. ونشأ جوتا في جوندومار، وكان والداه يواخيم وإيزابيل يدفعان له تكاليف اللعب في النادي المحلي حتى أتم عامه الـ16. ويصف موقع جوندومار الرسمي هذا النادي بأنه “قصة شغف وتفان”، ولا شك أن هناك قلة من اللاعبين يجسدون هذه القيم أفضل من جوتا.
وفي تصريح لشبكة “سكاي سبورتس” في 2022 ، قال جوتا :” كان هذا الطموح معي دائما. في طفولتي ونشأتي، لم ألعب أبدا للأندية الكبرى”. وأضاف :”كان هناك القليل من زملائي الذين انتقلوا لبورتو وبنفيكا. خضت تجارب هناك، ولكنني لم استمر أبدا. كنت دائما ضمن الأفضل، ولكنني لم أكن الأفضل أبدا”. وتباع:”منذ اللحظة التي اتيحت لي فيها الفرصة، لم أفرط فيها. اعتقد أننا عندما كنا صغارا، كان لدينا ثقة دائمة في قدراتنا. ربما لم أكن اعتقد أنني سأصل إلى فريق بحجم ليفربول. كنت اتعامل مع الأمور خطوة بخطوة، يوما بيوم”. وأصبح جوتا لاعبا محترفا ضمن صفوف فريق باكوس دي فيراير في 2013، قبل أن يحقق ما بدا وكأنه حلم بالانتقال إلى العملاق الإسباني أتلتيكو مدريد في 2016. ولكنه لم يلعب أي مباراة رسمية وعاد مرة أخرى للبرتغال، على سبيل الإعارة، لفريق بورتو.
وفي صيف 2017، انتقل معارا للمرة الثالثة لفريق وولفرهامبتون، وسجل 18 هدفا في 46 مباراة حيث ساعد الفريق في الصعود للدوري الممتاز. وبفضل جهوده، حصل على عقد دائم مع الفريق، وعلى الفرصة في تحقيق حلم الطفولة باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وتمكن جوتا مرة أخرى من تسجيل عدد مزدوج من الأهداف، بعدما تفادى وولفرهامبتون الهبوط، بل وتألق الفريق طوال الموسم، واحتل المركز السابع في أول موسم بالدوري الممتاز، وهو ما ساعد الفريق على التأهل للدوري الأوروبي، حيث وصل الفريق لدور الثمانية في الموسم التالي، الذي تأثر كثيرا بسبب جائحة فيروس كورونا. كان شغف جوتا بكرة القدم يوازي شغفه واحترافه الألعاب الإلكترونية، وخاصة لعبة “فيفا” ، حتى أنه توج بلقب النسخة الأولى من بطولة الدوري الإنجليزي الإلكتروني في عام 2020.
وقد منحه تألقه الفرصة للانتقال إلى ليفربول في سبتمبر 2020، حيث أسند إليه يورجن كلوب، مدرب ليفربول وقتها، مهمة تحدي الثلاثي الهجومي الأساسي المكون من محمد صلاح وروبرتو فيرمينو وساديو ماني. وبدأ جوتا مسيرته مع ليفربول بقوة، حيث سجل هدفا بعد ثماني دقائق فقط من مشاركته الأولى أمام أرسنال، ليواصل بعدها رحلة التألق، دون تراجع. وبفضل خطورته الكبيرة، بقدميه اليمنى واليسرى، كان جوتا عنصرا أساسيا سواء ضمن التشكيلة الأساسية أو عند مشاركته كبديل، وساهم بشكل كبير في مسيرة ليفربول نحو تحقيق رباعية تاريخية في موسم 2021 / 2022، قبل أن يكتفي الفريق في النهاية بثنائية محلية بعد أن خسر لقب الدوري بفارق نقطة واحدة أمام مانشستر سيتي، ونهائي دوري الأبطال أمام ريال مدريد.
وتجسدت قيمة جوتا الكبيرة بالنسبة للنادي في العرض الذي تلقاه لتجديد عقده في صيف 2022 حتى عام 2027. وقال جوتا لشبكة “سكاي سبورتس” في الصيف الذي وقع فيه تمديد تعاقده :” الصعب ليس أن تصل إلى قمة الجبل، بل أن تبقى هناك. هذه العبارة تعني لي الكثير، وبالتأكيد أجدها معبرة جدا”. وأضاف: “هذا هو الجزء الأصعب، لأن هناك دائما من يسعى للوصول إلى القمة للمرة الأولى. ولا يمكنك أبدا أن تسمح لهم بأن تكون إرادتهم أكبر من إرادتك “. وقد أثبت جوتا وجهة نظره، وواصل التسلق، ليصبح مطلع هذا الصيف، بطلا للدوري الممتاز مع ليفربول.
وقال للموقع الرسمي لفريق ليفربول الشهر الماضي :” أن أصل إلى هذا الموسم تحديدا ومعي اللقب الذي كنت أسعى لتحقيقه لسنوات طويلة، وفي أفضل دوري في العالم، الدوري الذي حلمت باللعب فيه عندما كنت طفلا، هو لحظة سأظل أعتز بها إلى الأبد”.
وأردف :” إنه إنجاز استثنائي لشاب صغير جاء من جونودمار، حيث راودني هذا الحلم. الوصول إلى هذه اللحظة كان أمرا رائعا للغاية”. وتوفى شقيق جوتا الأصغر أندريه سيلفا، أيضا، وهو لاعب كرة قدم محترف، معه في الحادث الذي وقع بزامورا في إسبانيا. وترك جوتا وراءه والديه يواخيم وإيزابيل، وزوجته روت، وأطفاله الثلاثة.
ـ الحزن يخيم على الأوساط الرياضية
توالت ردود الفعل الحزينة بعد نبأ الوفاة المفجعة لمهاجم ليفربول، وقال رئيس وزراء البرتغال لويس مونتينيجرو “نبأ وفاة ديوجو جوتا، الرياضي الذي شرف اسم البرتغال، وشقيقه، خبر غير متوقع ومأساوي. اتقدم بأحر التعازي لعائلتهما، إنه يوم حزين لكرة القدم وللرياضة الوطنية والدولية”. وغرد الاتحاد البرتغالي لكرة القدم عبر موقع “إكس” للتواصل الاجتماعي :” أصابت الصدمة الشديدة الاتحاد البرتغالي لكرة القدم وكرة القدم البرتغالية بأكملها، إثر وفاة ديوجو جوتا وشقيقه أندريه سيلفا في إسبانيا”. وطلب الاتحاد البرتغالي لكرة القدم من الاتحاد الأوروبي (يويفا) الوقوف دقيقة صمت قبل مباراة البرتغال وإسبانيا في بطولة أوروبا للسيدات 2025، تكريما لروح ديوجو جوتا وشقيقه أندريه سيلفا. وقال الاتحاد :” يمثل فقدان ديوجو وأندريه خسارة لا يمكن تعويضها لكرة القدم البرتغالية، وسنفعل كل ما بوسعنا، يوميا، لتكريم ذكراهما”. وأكد بيدرو بروينسا، رئيس الاتحاد البرتغالي لكرة القدم “كان ديوجو جوتا أكثر من مجرد لاعب رائع، فقد شارك في ما يقرب من 50 مباراة مع المنتخب الوطني، بل كان شخصا استثنائيا، يحظى باحترام جميع زملائه ومنافسيه، كانت لديه مشاعر فرح معدية، وكان مرجعا في مجتمعه، لقد فقدنا بطلين، تمثل وفاتهما خسارة لا يمكن تعويضها لكرة القدم البرتغالية، وسنبذل جميعا قصارى جهدنا لتكريم إرثهما بشكل يومي”.
كما كتب البرتغالي كريستيانو رونالدو، نجم المنتخب البرتغالي لكرة القدم عبر منصة (إكس) للتواصل الاجتماعي ، قال فيها ” هذا لا يصدق، كنا معا للتو في المنتخب”. وأعرب رونالدو عن تعازيه لعائلة جوتا وزوجته وأطفاله، وأضاف :”اعلم أنك ستكون دائما معهم. ارقدا في سلام ديوجو وأندريه، سنفتقدكما”.
من جانبه، أوضح روبن نيفيس، لاعب خط وسط منتخب البرتغال ونادي الهلال السعودي “يقال إننا لا نفقد الناس إلا عندما ننساهم، لن أنساك أبدا”. كما انضم الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لقائمة المعزيين في وفاة جوتا، وكتب في بيان “نيابة عن مجتمع كرة القدم الأوروبية، نتلقى ببالغ الحزن والأسى نبأ الوفاة المأساوية لديوجو جوتا، لاعب منتخب البرتغال ومهاجم ليفربول، وشقيقه أندريه سيلفا، تعازينا لعائلتهما وأصدقائهما وزملائهما وجميع المتأثرين بهذه الخسارة المؤلمة”.
وأشار جيمي كاراجر لاعب ليفربول السابق “”نبأٌ مفجع عن ديوجو جوتا وشقيقه أندريه، تعازينا الحارة لجميع أفراد عائلتهما وأصدقائهما، وخاصة زوجته روتي وأطفالهما الثلاثة الرائعين”. ونعى نادي بورتو البرتغالي لاعبه السابق جوتا، قائلا “نادي بورتو لكرة القدم في حالة حداد…، ببالغ الحزن والأسى، نتقدم بأحر التعازي لعائلة وأصدقاء ديوجو جوتا وشقيقه أندريه سيلفا، الذي كان أيضًا لاعبنا في صفوف الشباب”.
من جانبه أوضح نادي نانت الفرنسي: “يعرب نادي نانت عن خالص تعازيه للمنتخب البرتغالي في وفاة ديوجو جوتا وشقيقه، نتقدم بخالص تعازينا لجميع أفراد المنتخب البرتغالي والجهاز الفني والاتحاد البرتغالي لكرة القدم في هذا المصاب الجلل”.
كما أعرب نادي باريس سان جيرمان الفرنسي عن حزنه العميق، موضحا: “تلقى باريس سان جيرمان ببالغ الحزن نبأ وفاة ديوو جوتا وشقيقه أندريه… يتقدم النادي بأحر التعازي لعائلتهما وأحبائهما، ولنادي ليفربول، والمنتخب البرتغالي. قلوبنا معهما في هذا المصاب الفاجع”.
وكتب براجا البرتغالي: “ببالغ الحزن والأسى، يتقدم نادي براجا بأحر التعازي لعائلته وأصدقائه وزملائه في الفريق وأنديته وجميع من كانوا مقربين منه. لن ننساكم أبدا، وشارك نادي سبورتينج لشبونة البرتغالي في العزاء أيضا، ببيان ذكر فيه “نتقدم بأحر التعازي لجميع أفراد الأسرة في هذا الوقت العصيب”.
وعبر أتلتيكو مدريد، عن تأثره الشديدة بوفاة لاعبه السابق “أتلتيكو مدريد في حالة صدمة لوفاة لاعب النادي السابق ديوجو جوتا وشقيقه أندريه، نتقدم بأحر التعازي لعائلته وأحبائه”.
وقال جاري نيفيل، لاعب مانشستر يونايتد السابق، “هذا نبأ مفجع لديوجو جوتا وشقيقه.”
وقال المدرب السابق لمنتخب البرتغال فرناندو سانتوس، الذي قاد بلاده للفوز بلقب بدوري الأمم الأوروبية 2019 مع ديوجو جوتا: “أنا في صدمة، وعاجز عن الكلام، إنها لحظة حزينة للغاية للعائلة، إنها لحظة حزينة للجميع، وخاصة لمن عملوا معه، لأن الجميع كان يقدره”.
وأوضح باولو فوتري أسطورة الكرة البرتغالية “أشعر بحزن عميق لهذا الخبر، من الصعب تصديقه… أتقدم بأحر التعازي لعائلة وأصدقاء ديوجو جوتا… كرة القدم والبرتغال في حالة حداد، ارقد في سلام يا بطل”. كما قدّم زميله في وأكد بيبي المدافع السابق لمنتخب البرتغال “ببالغ الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة ديوجو جوتا وشقيقه أندريه، خسارة مؤلمة ومبكرة، سببت لنا جميعا، زملائي وأصدقائي وجماهير كرة القدم، في حالة من المعاناة، في هذه اللحظة الحزينة، أتقدم بأحر التعازي لعائلتهما وأصدقائهما وجميع أحبائهما، عسى أن يجدا القوة في حبهما وذكرياتهما الجميلة، رحمهما الله”.
وقال كير ستارمر، رئيس وزراء بريطانيا :” ياله من خبر محزن للغاية… أنا على يقين أنني اتحدث بلسان الجميع حين اقول إن أول ما يخطر ببالنا هو عائلته وأصدقاؤه، بشكل خاص. هناك ملايين من مشجعي ليفربول، وأيضا مشجعي كرة القدم، وغيرهم، سيصدمهم هذا الخبر. إنه أمر محزن للغاية ومن المهم جدا أن نضع في اعتبارنا مدى صعوبة هذه الفترة لأصدقائه ولعائلته”.
وقال ألكسندر سيفرين رئيس الاتحاد الأوروبي (يويفا) :” قبل ثلاثة أسابيع، كان لي الشرف أن أقدم ميدالية لجوتا بعد نهائي دوري أمم أوروبا، كانت لحظة مليئة بالفرح والفخر والاحتفال، لكنها ستظل محفورة في الذاكرة الآن بالحزن”.
وأضاف: “ألهم شغفه وحماسه وروحه في الملعب كل من حوله. من المحزن للغاية أن نفكر في أن حياة مليئة بالفرح والجهد انتهت بهذه السرعة. ارقد بسلام يا ديوجو العزيز. لن ننساك أبدا”.