أخبار العالم

هل تنجرف أمريكا نحو حرب ضد الصين بسبب تايوان؟ .. تحليل إخباري يجيب

وهج الخليج – وكالات

لقد أصبحت تايوان أخيرا أكثر جدية بشأن دفاعها، حيث مددت فترة التجنيد الإجباري إلى عام واحد وزادت ميزانيتها الدفاعية لشراء قدرات عسكرية جديدة، بما في ذلك طائرات مسيرة وصواريخ مضادة للسفن. وتحول تركيز تايوان طويل الأمد على الأسلحة الثقيلة وأساليب الحرب التقليدية إلى استراتيجيات دفاعية أكثر تنوعا وتطورا.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية يقول رامون ماركس المحامي الدولي المتقاعد ونائب رئيس مؤسسة “رؤساء تنفيذيون من أجل الأمن القومي”، يبقى أن نرى ما إذا كان كل هذا سيحدث في الوقت المناسب. ويخشى المحللون العسكريون من أن الصين يمكن أن تغزو تايوان في عام 2027 على أقرب تقدير. وإذا اندلعت الحرب، فإن أمل تايوان وتوقعها هو أن تدخل الولايات المتحدة المعركة. وتشير محاكاة الحرب إلى اندلاع قتال مكلف وخسائر كبيرة حال حدوث ذلك، بما في ذلك شبح التصعيد المحتمل إلى حرب نووية. وأشار ماركس إلى أن السؤال المهم هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان أم لا. ويدعو خبراء السياسة الخارجية الولايات المتحدة إلى الدفاع عن تايوان، وهي حالة طوارئ تتدرب من أجلها القيادة الأمريكية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما يتوافق مع متطلبات قانون العلاقات مع تايوان، الذي يتطلب مثل هذا التخطيط لحالات الطوارئ. وقد صرح الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بشكل علني عدة مرات بأن الولايات المتحدة ستدافع عن الجزيرة في حال تعرضها لهجوم من الصين. وبموجب المادة الثانية، القسم الثاني من الدستور، يمتلك الرئيس السلطة بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة لإصدار الأمر باستخدام القوة العسكرية، خاصة ردا على أي هجوم. ومع ذلك، فإن هذه السلطة التنفيذية غير كافية لمنح الرئيس السلطة الأحادية لإعلان تحالف دفاعي مع تايوان دون مشاركة إضافية من الكونجرس، كما هو مطلوب، ليس فقط بموجب الدستور، ولكن أيضا بموجب قانون صلاحيات الحرب.
وأوضح ماركس أن الولايات المتحدة لم تبرم أي معاهدة عسكرية مع تايوان. ولا يلزم قانون العلاقات مع تايوان أو أي قانون اتحادي آخر، الولايات المتحدة بالدفاع عنها. ويقتصر قانون العلاقات مع تايوان على إلزام الولايات المتحدة “بالحفاظ على القدرة على مقاومة أي لجوء إلى القوة أو غيرها من أشكال الإكراه التي يمكن أن تعرض أمن شعب تايوان أو نظامها الاجتماعي أو الاقتصادي للخطر”. ولم يصدر الكونجرس على الإطلاق قرارا يدعو إلى الدفاع عن تايوان. وتظهر استطلاعات الرأي أكثر من مرة أن أغلبية الشعب الأمريكي لا تؤيد القتال من أجل تايوان، وتفضل بدلا من ذلك الوضع الراهن الغامض. ومع ذلك، لا تزال واشنطن وبكين عالقتين في انزلاق خطير نحو الحرب. ويرى ماركس أن الولايات المتحدة يمكن أن تنزلق إلى الحرب في ظل سيناريوهات متعددة. مع قيام السفن الحربية والطائرات الأمريكية بدوريات منتظمة في المياه القريبة من تايوان، قد ينشب صراع كبير مع القوات البحرية الصينية فجأة. وكتب الأدميرال جيمس ستافريديس وإليوت أكرمان رواية عن أن حادثا بحريا واحدا في بحر الصين الجنوبي يمكن أن يتصاعد إلى حرب نووية مع الصين. وإذا فرضت الصين حصارا على تايوان، فقد ينتهي الأمر بالولايات المتحدة بسهولة في قتال إذا أمر الرئيس البحرية الأمريكية بمرافقة السفن التجارية المارة عبر الخطوط البحرية الصينية. ويقول ماركس إن الوضع الذي تواجهه واشنطن في تايوان غير مسبوق. فعلى عكس جميع صراعاتها العسكرية السابقة منذ الحرب العالمية الثانية، إذا اندلعت حرب، ستواجه الولايات المتحدة قوة نووية وذلك من أجل الدفاع عن دولة لا توجد لدى واشنطن أي التزامات دفاعية تجاهها. وعندما خاضت الولايات المتحدة الحرب في كوريا عام 1950، فعلت ذلك بموجب قرارات مجلس الأمن الدولي. وخاضت حرب فيتنام بموجب قرار خليج تونكين الذي أصدره الكونجرس عام 1964 . وشنت الولايات المتحدة حرب الخليج عام 1990 بموجب قانون أقره الكونجرس، وهو التفويض باستخدام القوة العسكرية. كما شنت الولايات المتحدة حملتي البوسنة وكوسوفو تحت مظلة قرارات مختلفة للأمم المتحدة.
وبعد أحداث 11 سبتمبر سمح قانون صادر عن الكونجرس بالتدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان والحرب على الإرهاب، والتفويض باستخدام القوة العسكرية عام 2001. كما خاضت الولايات المتحدة حرب العراق بموجب قرار التفويض باستخدام القوة العسكرية ضد العراق عام 2002. ولم تكن أي من هذه الدول قوى نووية. وإذا أطلقت الصين النار على سفن البحرية الأمريكية، فإن الرئيس مخول بصلاحيات القائد الأعلى للرد بسرعة. وبإمكانه أن يأمر القوات المسلحة باتخاذ إجراء، بما في ذلك توجيه ضربات تصعيدية محتملة، مع مراعاة المزيد من التشاور مع الكونجرس بموجب أحكام قانون صلاحيات الحرب.
وقال ماركس إن التفاهم بين بكين وواشنطن بشأن وضع تايوان يرجع إلى عام 1972 وبيان شنغهاي. واعترف الجانبان أن “جميع الصينيين على جانبي مضيق تايوان يؤكدون على وجود صين واحدة، وأن تايوان جزء من الصين”. وفي أعقاب البيان، اعترفت الولايات المتحدة دبلوماسيا بجمهورية الصين الشعبية وأغلقت سفارتها في تايوان. ثم أقر الكونجرس قانون العلاقات مع تايوان، الذي حدد الإطار القانوني لعلاقة واشنطن الجديدة مع تايبيه. ويرى ماركس أن الولايات المتحدة تواجه وضعا حساسا، حيث أن هدفها هو ردع الصين عن مهاجمة تايوان. وإبداء نوع من الاستعداد، وإن كان غامضا، للدفاع عن تايبيه يدعم هذا الهدف، ولكن يجب أن تكون هناك حدود، لأن تزويد تايوان بالأسلحة العسكرية لدعم وضعها كمنطقة تتمتع بحكم ذاتي أمر، وإلزام الولايات المتحدة مسبقا بخوض حرب مع الصين إذا هاجمت تايوان أمر آخر. إن سلطة الرئيس الدستورية هنا ليست بلا حدود.
فالتعهد بالدفاع عن تايبيه مسبقا، استنادا فقط إلى دور الرئيس في إدارة الشؤون الخارجية وبصفته القائد الأعلى، يعد سندا قانونيا ضعيفا للغاية. ويتطلب الدستور أن يكون للشعب الأمريكي أيضا رأي في الأمر من خلال الكونجرس. واعتبر ماركس أن الرئيس بايدن تجاوز الحدود عندما تعهد بشكل متكرر بأن تدافع الولايات المتحدة عن تايوان إذا تعرضت لهجوم من الصين – وهي تعهدات تراجع عنها مساعدوه لاحقا. وقد أبرمت الولايات المتحدة معاهدات دفاعية أقرها مجلس الشيوخ مع كل من اليابان والفلبين. وسيكون الحصول على دعم رسمي من الكونجرس للقتال من أجل تايوان أمرا صعبا من الناحية السياسية. ومع ذلك، فإن حقيقة أن الحصول على الموافقة على معاهدة أو دعم تشريعي مسبق من الكونجرس للدفاع عن تايوان قد يمثل مشكلة، لا يمكن أن تبرر السماح للرئيس بتجاوز الكونجرس.
واختتم ماركس تحليله بالقول إن الرئيس لا يستطيع استغلال دوره كقائد أعلى للقوات المسلحة لدفع البحرية الأمريكية إلى حرب وجودية محتملة مع الصين بالأمر الواقع، وإجبار الكونجرس على التدخل وعدم ترك أي خيار له سوى دعم القوات الأمريكية المتورطة بالفعل في اندلاع مفاجئ للقتال مع جيش التحرير الشعبي الصيني. وإذا رغب الرئيس في التعهد بحماية تايوان من الصين المسلحة نوويا، يتعين عليه أن يطلب موافقة السلطة التشريعية، لأنه بموجب الإطار الدستوري، لا يمكنه التصرف بمفرده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى