أخبار العالم

بعد 3 عقود على أوسلو .. حلم الدولة لدى سكان غزة تبدّد

وهج الخليج – وكالات

في العام 1994، عاد الفلسطيني مصطفى السنونو مع الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى غزة عقب توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993، حالما بأن يصبح “البلد سنغافورة” المنطقة، لكن حلمه وكثيرين تبدّد بعد ثلاثة عقود.


ووقّع الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني اتفاقية “إعلان المبادئ” للتسوية في العاصمة النروجية على أن تبدأ مرحلة انتقالية تتضمن إنشاء أول سلطة للفلسطينيين، وعلى أن يتواصل التفاوض حول مسائل رئيسية أخرى.وعاد عرفات في يوليو 1994 مع الآلاف من قواته العسكرية والأمنية للمرة الأولى إلى قطاع غزة ومدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة التي أقيمت عليهما مؤسسات السلطة الفلسطينية.

عُيّن السنونو (57 عاما اليوم) حينها ضابطا برتبة نقيب في الحرس الرئاسي، ثم أصبح عقيدا قبل أن يحال في عام 2008 للتقاعد المبكر مثل الآلاف من عناصر أجهزة الأمن والشرطة في السلطة الفلسطينية بعد الانقسام بين حركتي فتح وحماس. قبل شهرين، افتتح سنونو مطعما للوجبات السريعة في مبنى يبعد مئات الأمتار عن مقرّ عرفات الرئاسي في حي الرمال غرب مدينة غزة والذي تحوّل إلى صالة لحفلات الزفاف.


ويقول سنونو لوكالة الأنباء الفرنسية “كنا نعتقد أن البلد ستصبح سنغافورة: معابر مفتوحة، فرص عمل لأولادنا وحكومة ومطار وميناء وجواز سفر، ظنننا أن الدولة على مرمى حجر”. ولا تنحصر خيبة الأمل بهذا الضابط السابق، بل تكاد تكون حالة معمّمة في الأراضي الفلسطينية.
بعد ثلاثين عاما من الفشل في تحقيق سلام حقيقي وحلم الدولة، أصبح جلّ اهتمام الشباب الفلسطيني ينصبّ على البحث عن فرص عمل وحرية التنقل والسفر، وتجاوز أزمات متعددة من بينها السكن والكهرباء والمياه التي تضاعفت في ظل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة المفروض من العام 2007، تاريخ تفرد حركة حماس بالسيطرة على القطاع. ويقول الطالب الجامعي أدهم عبد الله (22 عاما) “دمرت أحلامنا، لا وظائف للخريجين الجامعيين، لا عمل للشباب، الأوضاع في قطاع غزة تسوء كل يوم مع زيادة البطالة والفقر”.

ـ “سجن”
ويتابع “الشباب يهاجرون من قطاع غزة، السجن الكبير، أملا بمستقبل أفضل”. هاجر من قطاع غزة خلال العقدين الأخيرين أكثر من مئتي ألف فلسطيني غالبيتهم من الشباب إلى دول أوروبية وتركيا، بحسب إحصاءات لمؤسسات حقوقية. وتزيد نسبة البطالة في القطاع عن 45 في المئة وترتفع إلى 70 في المئة في صفوف الشباب، وفقا لجهاز الإحصاء الفلسطيني. وتقول إسراء مراد (21 عاما) “كل الدول تنعم بمطارات ومعابر وميناء، أما نحن نسافر في خيالنا وأحلامنا، مطارنا مدمر ومعابرنا مغلقة. نحن في سجن”.
في نهاية عام 1998، احتفل الفلسطينيون بأول مطار على أرض قطاع غزة في افتتاح رسمي حضره الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون إلى جانب عدد من رؤساء الدول وكبار المسؤولين العرب والغربيين. إلا أن إسرائيل دمرت المطار في عام 2001 مع اندلاع انتفاضة “الأقصى” الثانية. ونصّ الاتفاق على بدء مفاوضات الحل النهائي للنزاع بعد خمس سنوات. وحصلت جولات مفاوضات حول مواضيع متفرقة، لكن لم يتم التطرق الى الحل النهائي.

ـ الوظيفة قبل أوسلو
بالنسبة للطالبة الجامعية إيمان حسونة (20 عاما)، كل ما تعرفه عن اتفاق أوسلو مصدره المدرسة. وتقول “اتفاق أوسلو لا يشغل بالي، نحن كشباب نبحث عن فرص عمل ومستقبل، حلمي أن أجد وظيفة بعد تخرجي من الجامعة”. ويبدو آخرون وقد يئسوا تماما من تطبيق الاتفاق التاريخي. ويرى أحمد العبادلة (20 عاما) أن حلم الدولة لم يعد قابلا للحياة، ويؤكد أن أوسلو “حبر على ورق”، مضيفا “لا تهمني أوسلو”. بينما تقول مراد وهي طالبة في قسم الإعلام في جامعة الأقصى في غزة، “لا فرصة للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة”. وتتابع “عشنا أربع حروب وانتفاضات، فكيف ننسى الماضي؟”.
وشهد قطاع غزة منذ نهاية 2008 أربع اعتداءات إسرائيلية أودت بحياة الآلاف معظمهم من الفلسطينيين. ويقول عبد الله الذي أنهى دراسته الجامعية هذا العام، “غياب أوسلو أثّر سلبا علي مستقبل جيلنا. عندما عاد أبو عمّار إلى الوطن، كان أمل كبير بدولة مستقلة”. ويعيش في قطاع غزة 2,3 مليون شخص تحت وطأة حصار مشدّد تفرضه إسرائيل برا وبحرا وجوا، وفي ظل نسبة فقر مرتفعة.

ـ تبدّد حلم الدولة
ويقول عضو طاقم المفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل حسن عصفور إن “فشل أوسلو لم يفاجئه”. ويضيف “توقعنا انتهاء كل شيء بعد اغتيال إسحاق رابين”، رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها في 4 نوفمبر 1995 على يد متطرف إسرائيلي. ويتهم عصفور الذي يقيم حاليا في مصر “أطرافا إسرائيلية مع أطراف فلسطينية لها ارتباطات إقليمية بالتآمر لإفشال أوسلو”. لكنه يؤكد أن “الخلاص من أوسلو أصبح ضرورة وطنية كبرى”، مطالبا ب”الذهاب إلى مرحلة فك ارتباط شامل عنه”. ويقول السنونو دامعا “حلم الدولة تبدّد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى