أخبار محلية

تأهيل مدينة قلهات الأثرية وإنشاء مركز للزوار

وهج الخليج – مسقط
أكد سُلطان بن سيف البكري مستشار وزير التراث والسياحة للتراث على أن الوزارة تعمل على حماية وإدارة وتوظيف مدينة قلهات الأثرية، بشكل يتناسب مع قيمتها التاريخية والأثرية وبما يضمن استدامتها للأجيال القادمة، مشيرًا إلى أن الأعمال الجارية حاليًّا في المدينة تأتي استنادًا على خطة الإدارة التي وضعتها وزارة التراث والسياحة لإدارتها وتطويرها وتهيئتها لاستقبال الزوار.

وقال مستشار وزير التراث والسياحة للتراث في حديث لوكالة الأنباء العُمانية إن من بين ما يتم ترميمه من المعالم الرئيسة في الموقع الذي أدرج في عام 2018 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، سور المدينة الخارجي الأساسي، والجامع والحمامات، وأحواض تخزين المياه وتهيئة مسارات محددة للسائح ومنصات وعمل لوحات معلوماتية مبيّنًا أن أعمال تطوير أي موقع لن تتعارض مع الحفاظ على أصالته ونزاهته.

وأضاف أنه سيتم إنشاء مركز للزوار في موقع مميز يطل على المدينة ويضم متحفًا ومكاتب لإدارة المدينة، كما سيتم قريبا طرح مناقصة لإنشائه، حيث تم الانتهاء من الأعمال الاستشارية التي شملت التصميم وتأهيل الموقع.

وحول الدراسات والمسوحات الأثرية التي أجريت في مدينة قلهات خلال السنوات الماضية وضح سلطان بن سيف البكري في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن تلك الدراسات بدأت نهاية الثمانينات مع بعثة إيطالية قامت بمسح المنطقة الساحلية ابتداءً من ولاية قريات وحتى ولاية صور وشملت مدينة قلهات.

وذكر أن جامعة السلطان قابوس قامت أيضًا باجراء مسح حول معلم بيبي مريم بمدينة قلهات، ثم أجريت المسوحات الشاملة التي قامت بها الوزارة بالتعاون مع فريق دولي في عام 2003 وشملت مدينة قلهات والساحل المقابل لها.

وبين أنه في عام 2008 بدأت الانطلاقة الفعلية لأعمال التنقيبات الأثرية في المدينة عبر قيام وزارة التراث والسياحة بالتعاون مع بعثة فرنسية باجراء تنقيبات في المدينة حتى عام 2012 اكتشف خلالها فرنا لصنع الفخار، وبيوت فيها مدبسة ومسجد بداخله ضريح و12 مسجدًا في المدينة بالإضافة إلى جامع قلهات الذي ذكره ابن بطوطة في كتابه أثناء زيارته.

وأشار إلى أنه في عام 2013 قامت الوزارة بالتعاقد مع مؤسسة صندوق دعم المعالم التاريخية الأمريكية (WMF) لترميم أهم المعالم المكتشفة ليتم المحافظة عليها واستمر حتى عام 2016، ثم استمرت أعمال الترميم قبل أن تتوقف بسبب جائحة كورونا، ويتم حاليا استكمال أعمال ترميم الجامع من خلال فريق الترميم التونسي حيث يقع الجامع بالقرب من البحر، وهناك غرف تحته بها موضئتان للوضوء إحداهما داخلية خاصة يعتقد بأنها للحاكم، وأخرى في الخارج للعامة، وإلى جانب الجامع مدرسة وبيوت الحاكم والتجار، بالإضافة إلى الميناء، موضحا أن المكتشفات شملت مساحة تبلغ 5 بالمائة من مساحة المدينة الإجمالية التي تبلغ 35 هكتارًا.

واستحوذت مدينة قلهات التاريخية خلال جلسات ومناقشات ندوة “جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العماني” التي أقيمت أعمالها قبل أيام في ولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية، بتنظيم من هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، على اهتمام الباحثين في مجال التاريخ والمتتبعين لأثر التاريخ العُماني على امتداد الحقب الزمنية واتساع رقعته الجغرافية.

وطرحت خلال الندوة 4 أوراق عمل حول قلهات من بين 27 ورقة، شملت المحور التاريخي والسياسي منها ورقة الدكتورة فاطمة بلهواري أستاذة التاريخ بجامعة السلطان قابوس بعنوان جوانب حضارية لمدينة قلهات في ظل حكم الهرمزيين من القرن 9-7هـ/ 15-13م “، وهدفت إلى الكشف عن المصادر المكتوبة والأثرية بأنواعها عن تاريخ وحضارة قلهات خلال الحكم الهرمزي.

وتناولت الورقة البحثية ثلاثة محاور أساسية شملت أهمية المصادر المكتوبة ونتائج التنقيبات الأثرية عن مدينة قلهات، والوضعية السياسية لقلهات في ظل حكم الهرمزيين، والملامح الحضارية لمدينة قلهات.

وركزت مريم بنت سعيد البرطمانية باحثة دكتوراه، بجامعة السلطان قابوس عبر ورقة العمل الثانية بعنوان “سعيد أبو علي القلهاتي ومكانته في القصر الصيني” على التاجر القلهاتي وموقعه في الكتابات التاريخية الصينية، ودور هذه الشخصية في بناء العلاقات الصينيةُ – العُمانية خلال القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، ومكانة العُماني من خلال توليه مناصب عليا في القصر الإمبراطوري الصيني في عهد أسرة يوان المغولية.

وفي المحور الثقافي ناقشت الورقة الثالثة حول قلهات التي قدمها الدكتور فيصل سيد طه حافظ الأستاذ بقسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الكويت، وجاءت بعنوان “التلامس الأوروبي الإسلامي في الرؤية الحضارية لمدينة قلهات في القرن 8هـ/ 14م، من خلال رحلتي ماركو بولو وابن بطوطة: دراسة مقارنة”، العوامل التي أثرت في وصف المشاهدات الحضارية لمدينة قلهات في رحلة كل من ابن بطوطة وماركو بولو، والمظاهر الحضارية في المدينة، وأثر الفكر الأوربي والفكر الإسلامي في رصد حضارة قلهات من خلال الرحلتين.

وقدم الدكتور سليمان بن سعيد الكيومي أستاذ مساعد بجامعة البريمي، دراسة وثائقية حول “مدينة قلهات في المراسلات الرسمية البرتغالية بين عامي 1504 ـ 1522 حيث وضح أن مدينة قلهات ذكرت في المصادر بأنها كانت أول عاصمة لعُمان قبل ظهـــور الإسلام بعدة قرون، وكانت محط أنظار العالم في ذلك الوقت، بسبب المميزات العديدة التي تزكي موقعها الفريد والمتميز.

واستقطبت المدينة الرحالة والمستكشفين والباحثين عن المعرفة، فاشتهرت كمدينة تجارية، ووصفت بأنها مركز تصدير للخيول، وكانت من أوائل المواقع التي سيطر عليها البرتغاليون بدءا من عام 1507م، ومنذ ذلك التاريخ نجد اسم قلهات يتردد في الوثائق والمراسلات البرتغالية، حيث أصبحت قلهات مركزًا تجاريًّا وعسكريًّا للأسطول البرتغالي في الفترة من 1507- 1649م.

من جانبه تناول سلطان بن سيف البكري مستشار وزير التراث والسياحة للتراث في ورقته بعنوان “تاريخ البحث الأثري في محافظة جنوب الشرقية وأبرز المواقع الأثرية المكتشفة”، توضيحا حول الاكتشافات الأخيرة التي تمت في مدينة قلهات، مشيرا إلى أن التجارة في محافظة جنوب الشرقية نشطت مجددا في العصر الإسلامي، وبلغت أوجها في القرون الوسطى وتحديدا في القرن الثالث عشر الميلادي، حيث برزت مدينة قلهات كميناء تجاري ارتبط مع بلاد الهند واليمن وفارس ودول جنوب شرق آسيا وكانت تجارة الخيول من أبرز ما كان يصدر من هذه المدينة.

وتقع مدينة قلهات التاريخية على مسطح جبلي، وهي تأخذ شكل المثلث، وهي ذات موقع استراتيجي محمي بتضاريس طبيعية ويحدها من الغرب الجبال الشاهقة ومن الجهة الشمالية الشرقية البحر، كما يحدها من الجهة الشمالية الغربية خور مائي و”وادي حلم، وتبعد عن العاصمة مسقط 150 كيلومترًا وعن مدينة صور 22 كيلومترًا، وكانت المدينة ملهمة بموقعها، ومحطةً مهمة للرحالة والمستكشفين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى