المقالات

ستظل إيران فزاعة التهديد وحجة التواجد العسكري الغربي..وستظل عمان واحة للسلام

بقلم: لواء متقاعد حسونه أبو فتيحه

تابعت اليوم كما تابع الكثيرين على ما أعتقد مقال المحلل الإستراتيجي والعسكري لصحيفة وهج الخليج العمانية (سلوم الكلباني)، والذي ادعى وبأسلوب تحليلي أراه متقنا أن الجزيرة العربية باتت على أعتاب حرب بين إيران والمعسكر الغربي، وذلك بعد أن ساق الكثير من المؤشرات الواقعية سواء الجيوسياسية منها أو الجيوعسكرية، وبالرغم من أني لا أستبعد حدوث مثل هذا الصراع، إلا أنني اعتقد أن الـ(فري غروف) لن تغادر ثكناتها لتقرع طبول الحرب مع إيران.
إن المتأمل في تاريخ الصراع بين إيران من جهة والولايات المتحدة و إسرائيل وأحيانا الغرب من جهة أخرى يستطيع أن يخرج بخلاصة مفادها أن يد خطاب التهديد والوعيد الأمريكية والاسرائيلية والغربية ضد إيران أطول من يدها الأخرى التي تقرع طبول الحرب وتحمل السلاح وتوجه الضربات العسكرية و تشن الهجمات السيبرانية، بالطبع لا نستطيع إنكار أن هناك سجلا حافلا للعمليات الإسرائيلية في العمق الإيراني، مثل إغتيال علماء الذرة الإيرانيين و الهجوم السيبراني الذي طال بعض المنشئات النووية وبعض التفجيرات في بعض المواقع الإيرانية الحساسة، إلا أن هذا السجل الحافل لا يعني بالضرورة أن يختتم بضربة عسكرية، سواء كانت خاطفة أو بعيدة المدى.
وفي هذه المقال أود أن أتطرق لبعض المعطيات التي أستند عليها في طرحي المستبعد لنشوب أي حرب في الخليج، أقله في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ:
1. منذ حرب فيتنام لم تشن الولايات المتحدة حربا من دون الغرب، ولا يمكن للغرب المخاطرة بالخوض في حرب (وإن كانت غير مباشرة ) غير تلك القائمة على الجبهة الاوكرانية لا سيما وأن جميع المؤشرات تنذر بركود اقتصادي سيطال القارة العجوز، هذا من دون أزمتي الطاقة والتضخم التي بدأت تثير الرأي العام.
2. قد يجادل البعض بأنه إن كانت أوروبا منهكة بالفعل وغير مستعدة للإنضمام لأي حرب ضد إيران فلماذا تستمر بدعم الأوكران ضد روسيا، وهنا أجادل بأن روسيا باتت تمثل تهديدا وجوديا لأوروبا، لكن إيران لم ولن تكون كذلك.
3. إن أي صراع محتمل في منطقة الخليج يعني إرباك مسار 40% من نفط العالم، هذا غير الغاز الذي أصبح الغرب يلهث خلفه بعد فرض العقوبات على روسيا و التهديدات الروسية بقطع الإمدادات التي نفذت بالفعل جزءا منها.
4. المراكز الحيوية الأمريكية في الخليج كثيرة وأي صراع محتمل سيجعل من هذه المراكز أهدافا مشروعة للصورايخ الإيرانية، الأمر الذي سيجعل دول المنطقة جزءا من الصراع وهو ما لن تسعى إليه أبدا.
5. لا يمكن الإستهانه بالقوات الإيرانية المسلحة وأنظمتها الدفاعية وصورايخها البالستية والطائرات بدون طيار التي يمكن أن تطال إسرائيل و حلفاء أمريكا، بالتأكيد أن ميزان القوى يميل لصالح الولايات المتحدة وحلفائها لا سيما في المجال السيبراني الذي يمكن أن يشل القدرات العسكرية الإيرانية، ولكني لا أستطيع أن أرى أن إيران لم تستعد لمثل هذه الإحتمالات.
اعود وأقول إن تحليل سلوم الكلباني كان بارعا و متقنا من الناحية العسكرية ولكنني أود أن أؤكد أنه في مثل هذه الصراعات تظل هناك الكثير من المحددات التي لا يمكن إغفالها عند تحليل مثل هذه الأزمات.
ختاما فنحن نؤمن بحكمة القيادة السياسية العمانية، التي لطالما أثبتت قدرتها على نزع فتيل الأزمات في المحيط الإقليمي، من خلال تقريب وجهات النظر وجمع الفرقاء على طاولة السلام، وكل ذلك ينبع من ثقة كافة الأطراف في السلطنة، التي تقف على مسافة واحدة من الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى