المقالات

أي الأمرين أزكى..؟

بقلم:طارق الصابري

حكمة بالغة المعنى .. ورثناها من الأولين إلى من تبعهم ورددناها نحن وسنتركها لمن يأتي من بعدنا إن شاء الرحمن ” إذا كان الكلام من فضه فإن السكوت من ذهب “.

وكي أُعلم القارئ لهذه السطور ، آننی لم أكتب هذه المقالة مثولا لرغبة أحد ، وليس لإستعراض الدهاء والقوة ، ولست بمن يشير بإصبع السبابة قاصدا أحد ، ولا سعيا للشهرة أو حتى شغفا بالكتابة لأن أناملي تعودت أن تلامس أقلاما نادرة .

بل فقط لتوضيح المشهد بشكل صحيح ، كلنا يعلم علم اليقين بأن السكوت علامة لعدة صفات منها الرضى والتواضع والبساطه ، عكس الكلام تماما الذي تجد فيه عدم القبول والتباهي وقد يتبعه غالبا الإفتراء والتشويه .

وبالمصطلح الآخر فأن هناك مقولات أخرى تحاول أن تكون مرادفه للحكمة البالغة مع إختلاف مواضعها في الطرح كـ ” خير الكلام ما قل ودل ” و ” الساكت عن الحق شيطان أخرس ” والكثير منها ما يصب بنفس الموضوع.

دعونا لا نتطرق خارج ما نود أن نوصله للقارئ ونرجع للحكمة البالغة ، هناك معادلة لابد من تفسيرها في هذه الحكمة.

بأن ” كل الفقراء يملكون الذهب والأغنياء هم من يملكون الفضه ”

هل يعقل أن يملك الفقير الذهب ولا يعرف كيفية صياغته ليغير من مسار حياته إلى الأفضل ، أم أن هناك تفسير آخر بأن ظاهره ذهب وباطنه مزيف.

وهل يعقل بأن الغني يملك الفضه وعرف كيفية ترويجه حتى يصل إلى القمه ، أم أن هناك تفسير آخر بأن ظاهره فضه وباطنة ذو قيمة وثروة.

السكوت عن الحق جريمة لا تغتفر ، هذا لا نقاش فيه و نحن نتفق فيما يبدو أن هناك اشياء لا يمكن السكوت عنها او التغاضي فيها.

ولعل أول شي يجب أن أقوم به في هذا المقال حتى لا يتشتت القارئ ولا يستطيع أن يربط بين العنوان وما سأسرده بين السطور أنني سأخرج عن السكوت وسأبدأ بالكلام .

ألا ترون أننا ومنذ عقود وثروة بلادنا تنهدر والسبب عقول غير قادرة على التغيير ، غير أن هذه العقول كانت مسايرة لخطط التنميه ورأت الكثير من الأمثلة في بناء الشعوب والدول وأتمت علاقات رسمية للتطور والتقدم ، وعلى هذا فشلت فشلا ذريعا في السيطرة والتنمية والرعاية الصحيحه وترشيدها بالشكل الصحيح حتى يعم الخير على البلد من جراء تنميتها وترشيدها .

ألا يعلمون بأن الفشل يعد مرضا من أخطر أمراض الحياة التي قد تعيق وتشل عجلة التنمية واالإقتصاد ، بالمختصر لقد ” ضلّوا الطريق ”

ومن علائم الفشل الأكبر والأخطر عندنا هو فشل في إقامة نظام إقتصادي مستقر للبلد يعود عليه بالنفع دون الإعتماد على مصدر واحد فقط.

علما أنهم يسمعون يوميا معاناة المتضررين من الأنظمة والقوانين التعسفيه التي تلاحقنا للحد من تطوير أنفسنا ومجاراة الواقع الذي نتعايشه .

وبالمقابل يسمعوننا يوميا لمئات الملايين في المشاريع التي لم ترى النور من يوم الفصح عنها والأحزن من ذلك التخطيط لما هو قادم دون التعلم من الفشل السابق ، بل جعلوا نصيبهم الأفضل من كل هذه الثروات ونصيب العامة من الفتات أو لا شئ .

دعونا قليلا نسترجع الماضي وننساه مباشرة ، في مظاهرات ۲۰۱۱م كل التوقعات كانت تشير إلى وقف هذا الفشل بإستبدال المسؤل بمسؤل آخر ولكن للأسف لم نسلم من مطاردة الفشل بنا مرة أخرى وكأننا لم نستجد بجديد ورجعنا مثل ما كنا وللأسف للأسوأ.

فلننسى الماضي إذ لا داعي لإستذكاره ، دعونا نعالج الواقع الذي نعيشه وكيف لنا أن نتخلص من حيزبون الفشل ، ومن المؤكد بأن كل منا لديه رأي في كيفية التخلص من الفشل دون كلل ولا ملل ويجب أن لا نفقد الأمل .

ولا أتمنى أن يترجم كلامي هذا كـ معارض أو بشكل مغاير ، بل أترجمه سرد للواقع والذي يجب علينا أن نعترف به كـ فشل وتشخيصه بالشكل الصحيح والبدء في معالجته .

وإعترافنا هذا عبارة عن أننا لا نستطيع أن نلتزم السكوت إذا كان سيؤدي بنا للفشل فلا بد منا أن نتجه للكلام ، فكلاهما معدنين لهما قيمهما وعلينا أن نختار ” أي الأمرين أزكى ” ..؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى