بعد غد .. بدء المرحلة الأدبية الثانية لملتقى النادي الثقافي في مقشن بظفار

وهج الخليج ـ مسقط
تبدأ بعد غدٍ، الاثنين، 3 نوفمبر الجاري، المرحلة الأدبية الثانية للملتقى الثقافي الثالث بولاية مقشن بمحافظة ظفار، الذي ينظمه النادي الثقافي حتى 18 نوفمبر المقبل، بالتعاون مع شركة تنمية نفط عُمان.
وتتضمن المرحلة الثانية تقديم حلقة تدريبية مسرحية متكاملة تهدف إلى صقل مهارات المشاركين في التمثيل المسرحي من خلال تجربة عملية تجمع بين الأداء والتعبير والتفاعل الجماعي. وستركز المرحلة، التي تأتي في إطار برنامج فني، على تمكين المشاركين من الطلبة من استخدام الصوت والحركات وما يتبعها من أعمال بوصفها أدوات للتعبير الفني، من أجل تعزيز الثقة بالنفس عبر مواقف تمثيلية تفاعلية تحفّز الخيال والإبداع.
ومن أهداف البرنامج، الذي سيقدمه المخرج المسرحي أسعد السيابي، إكساب المشاركين مهارات أولية في الأداء المسرحي، وتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على التعبير أمام الجمهور، وتنمية الخيال الإبداعي والقدرة على الارتجال الفني، وبناء روح الفريق والعمل الجماعي من خلال التمارين التعاونية، وتقديم عرض مسرحي قصير يُجسّد حصيلة التدريب العملي. وسيختتم البرنامج بعرض مسرحي من إنتاج المشاركين، يجسّد خلاصة التجربة ويعبّر عن طاقاتهم الإبداعية ضمن مشروع تمثيل وتمكين، في أجواء من الفنّ والتعاون والتعبير الحر.
وتحدث عدد من المشاركين في تقديم حلقات الملتقى الفنية عن انطباعهم وما قدموه من أعمال وأفكار مرورًا بالنتائج الأدبية التي من الممكن أن تتحقق في السياق الثقافي والمعرفي للشباب والمجتمع المحلي لمثل فعاليات وبرامج الملتقى على المديين القريب والبعيد. وقال الفنان التشكيلي هارون بن راشد العدوي إن تجربته في تقديم حلقة الطين والمجسمات الفنية ضمن الملتقى الذي يقيمه النادي الثقافي في ولاية مقشن كانت تجربة مميزة، مشيرًا إلى أن وجود النادي الثقافي خارج إطاره الجغرافي المعتاد أعطى الحدث روحًا مختلفة ومعنى عميقًا في بيئة مقشن وحياة سكانها اليومية. وأشار العدوي إلى أنه خلال الحلقة الفنية سعى إلى تقريب الطين إلى الأطفال بطريقة مبسطة ومحببة، حيث بدأ بتعريفهم بخواصه واستخداماته، ثم انتقل معهم إلى تجارب عملية في التشكيل مثل صناعة الأكواب بطريقة الضغط، قبل أن يعرّفهم على تقنيات متنوعة كاستخدام الحبال والشرائح، مضيفًا: “كنا نضيف كل يوم شيئًا جديدًا يثير فضولهم ويغذي خيالهم.”
وأوضح أن أكثر ما أسعده هو شغف الأطفال وأسئلتهم الذكية، ما جعل الحلقة مساحة للتجريب والاكتشاف. وبيّن العدوي أن الحلقة تركت أثرًا عميقًا وجميلًا في نفوس المشاركين، فهي لا تعلّمهم فقط كيفية تشكيل الطين، بل تغرس فيهم قيمًا مثل الصبر، والتعاون، والمسؤولية. وقال إنه على المدى البعيد قد تكون هذه التجارب هي الشرارة الأولى التي تضيء طريق أحد الأطفال ليصبح فنانًا أو حرفيًا أو حتى شخصًا يرى الجمال في التفاصيل الصغيرة من حوله.
وأوضحت الفنانة التشكيلية صفاء الريامية أن المبادرة الثقافية النوعية التي خرج بها النادي الثقافي من مقره في محافظة مسقط إلى ولاية مقشن بمحافظة ظفار، هي تجربة فنية وثقافية مميزة استطاعت أن تلفت الأنظار وتوجد حالة من التفاعل الواسع بين مختلف الفئات لما حملته من روح إبداعية نقلت ثقافة مختلفة إلى المنطقة. وأضافت: “ما يميز هذه التجربة أن فريق المشاركين من المدربين قد شكّل منظومة متناغمة من الإبداع، كل واحد منهم قدّم خبرته بطريقته الخاصة وترك أثرًا واضحًا في نفوس المشاركين الشباب، حتى أصبحت حلقات العمل مساحة حيّة للتبادل الفني والإنساني.”
وقالت إن ورشة الفنون التشكيلية استطاعت بلا شك اكتشاف المواهب الصغيرة، حيث أخرجت طاقات فنية كانت مدفونة داخلهم، وجعلتهم يعبّرون عن خيالهم وأفكارهم عبر ألوانهم وخطوطهم، فقد كنت أشعر أن هؤلاء الأطفال كانوا بانتظار شرارة كهذه ليضيئوا شعلة الإبداع في داخلهم. وإن مثل هذه الفعاليات تُسهم كثيرًا في كسر الجمود لدى المشاركين، حيث تنقلهم إلى أجواء يشعرون فيها بقدرتهم على الإبداع والتعبير، كما تُتيح أيضًا تبادل الثقافات الفنية بين المدربين والمشاركين، ما قد يثري التجربة ويعمّق الحس الجمالي لديهم. وأشارت إلى أن وجود مثل هذا الملتقى، الذي يقيمه النادي الثقافي كل عام في ولاية من ولايات سلطنة عُمان، سيُسهم بكل تأكيد في بروز فنانين شباب يرسم كلٌّ منهم ملامح بيئته وجمالها بطريقته الخاصة، لتشكّل أعمالهم في النهاية لوحة وطنية كبيرة تُبرز التنوع الجغرافي والثقافي لعُمان وما تتميز به من تفرد في مختلف الجوانب الثقافية والإبداعية.
أما التقني محمد بن علي العبري، وهو مشارك في حلقة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الملتقى، فيقول: “أرى أن حضور النادي الثقافي في ولاية مقشن بمحافظة ظفار تجربة ثرية ومختلفة بكل المقاييس، كون النادي قد نقل النشاط الثقافي من مركزه الرئيس في محافظة مسقط إلى بيئات تعليمية ومجتمعية غنية بروح الشباب والطموح، فهذا الحضور بلا شك أتاح فرصة حقيقية للمشاركين والمجتمع للتفاعل مع الثقافة بشكل حيّ ومباشر، بعيدًا عن الطابع الرسمي أو النخبوي.”
وأضاف العبري: “خلال الحلقة التي قدمتها في مدرسة مقشن للتعليم الأساسي على مدى ثلاثة أيام، لاحظت أن هناك شغفًا كبيرًا من المشاركين، ورغبة قوية في التعلم والتجربة، خاصة في موضوع الذكاء الاصطناعي في التصميم، وهو إن دلّ فيدلّ على وعي الجيل الجديد واستعداده للمستقبل. فمثل هذه المبادرات تترك أثرًا واضحًا على المدى القريب في تنمية مهارات الطلاب وإلهامهم، وعلى المدى البعيد أرى شخصيًا بأنها تُسهم في بناء بيئة ثقافية حقيقية تُحفّز الإبداع، وتربط الشباب بهويتهم من خلال أدوات العصر الرقمية. وفي رأيي، هذه ليست مجرد فعالية، بل خطوة لبناء جيل يوازن بين الأصالة والمعرفة الحديثة.”
الجدير بالذكر أن المرحلة الثالثة المقبلة، والتي ستنطلق في الـ16 من نوفمبر الجاري، ستتضمّن عددًا من الأعمال، من بينها جلسة حوارية حول التنمية المستدامة للتراث الطبيعي والثقافي في ولاية مقشن، وأخرى حول تكوين الحياة الثقافية في الولاية، إضافة إلى أمسية شعرية لعدد من شعراء محافظة ظفار.



