السابع من أكتوبر .. مرآة للدموية الإسرائيلية

وهج الخليج – وكالات
 بعد عامين على هجوم طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، واستمرار إسرائيل في ارتكاب أخطر جريمة في الكون الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، تبدو الصورة أكثر وضوحًا؛ ما يجري لم يكن ردة فعل عنيفة أو عابرة، بل تعبير عن بنية فكرية وسياسية متجذرة في المشروع الاستيطاني الصهيوني.
 فعلى مدار عامين، لم تقتصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي على القتل واسع النطاق والتدمير الشامل للبنية التحتية، بل امتدت إلى حصار خانق، ونهج تجويعي متعمد، وتهجير قسري واسع يصل إلى حد الاقتلاع، وتدمير للنظام الصحي والخدماتي، وحرمان ممنهج من الرعاية الطبية، وتعطيل متعمد لجهود الاستجابة الإنسانية.
 بعد 24 شهرًا من حمم النار الإسرائيلية، لابد أن تصل إلى حقيقة مطلقة وإيمان راسخ بأن هذا التاريخ لم يصنع الدموية الإسرائيلية، بل كان المرآة التي عكستها وكشفها على حقيقتها وفي أبشع صورها.
 استباحة المدنيين والأعيان المدنية والمجازر اليومية في غزة لم تكن حالة استثنائية، بل امتداد لسلسلة طويلة من المجازر والجرائم الإسرائيلية منذ نكبة 1948، مرورًا بمجازر دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا، وعشرات المجازر الأخرى وصولًا إلى قتل المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة عام 2018.
 والنتيجة أن إسرائيل تعاملت دومًا مع حياة الفلسطيني باعتبارها قابلة للإلغاء والشطب، ومع المجتمع الفلسطيني كجسم يجب استئصاله وفي أحسن الأحوال إخضاعه، ووسط كل ذلك كانت الصهيونية المتطرفة والتعاليم التوراتية المحرك والدافع للإيغال في الاستباحة والإجرام.
 بالأفعال والأنماط والنوايا المعلنة والمضمرة، رسخت إسرائيل خلال العاملين الماضيين أنها تتعمد استهداف المدنيين، سواء عبر قصف المنازل ومراكز الإيواء والخيام على رؤوس ساكنيها، أو استهداف التجمعات وطالبي المساعدات المجوعين، وتدمير المستشفيات وحصارها، أو منع وصول الغذاء والدواء.
 هذا النهج يندرج في استراتيجية واضحة تقوم على محو الوجود الفلسطيني وفرض معادلة الخوف والرعب كوسيلة للسيطرة.
 طوال عامين، أطلقت مبادرات ووساطات دولية للتوصل إلى وقف إطلاق نار يضمن إطلاق الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف الإبادة.
 وفي كل محطة تعاطت حركة حماس والفصائل الفلسطينية بمسؤولية حقيقية لتحقيق هذه الغاية؛ إلا أن إسرائيل أفشلت كل تلك الجهود، بل وسعت نطاق عدوانها ليشمل العديد من الدول بما فيها قصف العاصمة القطرية الوسيط الأبرز في مساعي وقف إطلاق النار.
 كل ذلك يدلل أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، ومعه وزراء حكومته المتطرفة، يرون في استمرار حرب الإبادة وسيلة لتحقيق أهداف سياسية داخلية وخارجية، وأن حياة أسراهم لم تعد أولوية أمام الأوهام الصهيونية التي امتدت للحديث العلني المتبجح عن إسرائيل الكبرى.
 هذا التعنت يكشف أن الحسابات الإسرائيلية لا تقف عند حدود الأسرى أو إقصاء حركة حماس ونزع سلاح المقاومة، بل تتجاوزها نحو فرض الهيمنة الاستعمارية وإعادة صياغة المشهد الفلسطيني وفق إرادة القوة، ما يعزز ذلك سياسة الأمر الواقع الجارية لفرض السيادة والضم في الضفة الغربية رغم ما قدمته السلطة الفلسطينية من تنازلاته وصلت في الكثير من الأحيان إلى التماهي مع السياسات الإسرائيلية في محاربة المقاومة.
 
  
 






