أخبار محلية

في سلطنة عمان: المنتجات التجميلية على الإنستجرام

• بعض المنتجات تختلف نتائجها الواقعة عن المتوقعة!
• الغالبية العظمى من النساء لا تحاسب التاجرة بحجة : “لا نريد قطع رزقهن”!
• 10% من النساء يؤكدن على ضرورة الرجوع إلى التاجرة عند حدوث آثار عكسية
• ربما تمارس التاجرة عملها بحسن نية ولا تقصد أن تلحق المضرة
• هناك تاجرات وجدن طريقهن المستقيم في هذا المجال وحصلن على تصريح رسمي للترويج

 
في الوقت الذي شهد فيه أسلوب حياتنا تغيرات صنعت فروقات كبيرة لا تمت بصلة عما كان عليه الحال في الحياة المتواضعة الماضية، ومن المرجح أن الفضل في المقام الأول عائد إلى التكنولوجيا وهي حقيقة يصعب برهنة عكسها، خاصة في ضوء اعتماد الأفراد على شبكات التواصل الاجتماعي بشكل أحدث تغيير في أنماط حياتهم بنسبة 53% وذلك وفق دراسة أجريت عام 2010.
ليس ذلك فحسب، إنما أصبحنا نقضي حياتنا اليومية بشيء من المتعة، ونخص بالحديث هنا الهوس الذي أحدثته إحدى تلك الشبكات لتدفعنا نحو عالم جديد للبيع والشراء تحت مسمى “تجارة الإنستجرام”، إذ بات ملحوظًا أن هذا التطبيق أصبح أداة متفوقة في الترويج الجاذب للمنتجات بما فيها منتجات العناية بالبشرة والوجه والشعر حيث بلغ عدد مستخدمي الإنستجرام مؤخرَا إلى أكثر من 30 مليون فرد من مختلف أنحاء العالم.
لكن إلى أي مدى يمكن الوثوق في تلك المنتجات خاصة أن شراء منتجات متعلقة بالشعر والبشرة من المفترض أن تكون خطوة حذرة؟ وما الدوافع التي تجعل النساء يثقن ب”تاجرات الإنستجرام” رغم قلة المعلومات المتوفرة حول المنتجات التي يبعنها وما الأساليب التي يكسبن بها ثقة الزبونة؟ أيضًا، لماذا تشتكي معظم النساء من عدم التوافق بين النتائج الواقعة والنتائج المتوقعة وهل الأمر مرتبط بجودة المنتج أم المسألة هي اختلاف النتائج من شخص لآخر؟

 

لأنها منتجات طبيعية!
كثيرًا ما نصادف على صفحات الإنستجرام المنافسات النشطة التي تقوم بين مروجات أو بائعات المنتجات التجميلية عبر الإنستجرام، فضلًا عن أساليب الجذب التي يتبعنها من أجل الوصول إلى زبونات جديدات، فتارة نجد أن المنتج لقي رواجًا كبيرًا مثل منتج التبيض الفوري الكوري “فوكس” أو نجد أن المنتج غير معروف أصلًا لكن يرّوج له بعبارة تضيف له وزنًا مثل “المنتج الغني عن التعريف، المنتج الأكثر استخدامًا/ شهرة في أمريكا، المنتج الأصلي الخالي من المواد الكيماوية..إلخ)، ولعل العبارة الأخيرة هي أكثر ما يشد النساء لشراء المنتج باعتبار أن الاعتقاد السائد بين النساء هو أن المنتج الآمن يقتضي أن يخلو من المواد الكيماوية الضارة ويستبدلها بمنتجات طبيعية حيث أكد على هذا الأمر ما نسبته 60% من النساء اللاتي شاركن في مسح إلكتروني تم إعداده بهذا الخصوص على 29 إمرأة، فيما اهتمت نساء أخريات بشهرة المنتج وشيوع استخدامه في أوساط النساء وشكلن نسبة 12%.

 

بسطات عشوائية أم مصدر رزق؟
لكن في بعض الأحيان قد تكون بعض الصفحات المروجة للمنتجات التجميلية “أشبه بالبسطات العشوائية على الشوارع والتي أرهقتها وأُرهقت منها البلدية في الملاحقة”، لكن كل ذلك لم يكن مهمًا بالنسبة لكلا الطرفين (أي البائعة والمشترية)، إذ تقول “أم يزيد” والتي سبق لها أن طلبت ما يزيد عن خمس منتجات من إحدى التجارات: أنها لم تجنِ الفائدة من معظم تلك المنتجات وبعضها لم تلحظ له أي نتائج على عكس ما نشرته التاجرة في صفحتها من مزايا وإطراء على المنتجات، وتضيف بأنها “كانت متحمسة” لإقتناء مرطب للجسم “بجل الصبار” لكن النتيجة لم تكن ترطيب وتلطيف للوجه والجسم مثلما نشرت التاجرة على صفحتها إنما واجهت أم يزيد مشاكل في الجلد أبرزها الجفاف وتقشر الجلد، وتقول معلقًا على ذلك: “من الصعب جدًا أن نميز بين الأمين والغشاش في مثل هذا النوع من التجارة وربما يكون هذا العمل رزق للتاجرة وربما تكون تمارسه بحسن نية ولا تقصد أن تلحق المضرة بأحد لكن ما زال الوعي مفقود حول هذه المنتجات ومدى صلاحيتها للاستخدام”.

 

وماذا بعد الشراء؟
وفي جانب آخر، نجد أن المشتريات نفسهن قد لا يسلكن الطريق الصحيح بعد شراء المنتج ونعني بذلك أن المشترية قد تتهاون في الرجوع إلى التاجرة إذا ما لاحظت نتائج عكس المتوقعة، فعند سؤال الزبونة نورة عن تجربتها بعد شراء منتج يسمى “بالطين الهندي” من تاجرة انستجرامية أكدت أن ما لفتها هو أن المنتج من المفترض أن يكون منظفًا عميقًا لمسامات الوجه، إلا أنها لاحظت ظهور بقع وبثور واضحة وكبيرة على وجهها جعلتها تُوقف استخدامه، لكن عند سؤالها ما إذا كانت قد أخبرت التاجرة عن ذلك فيما بعد، كانت إجابتها بالنفي!
من جهة أخرى، أكدت 10% من النساء ضرورة الرجوع إلى التاجرة عند حدوث آثار عكسية، واعتبرت 8% منهن أن التقدم بشكوى ضد المنتج يعد من أولى الإجراءات التي سيقمن بها عند التضرر من منتج ما، لكن ذلك يقودنا إلى قضية جديدة وهي “عملية الشراء الموثّقة” حيث أن الزبونة قد تستلم المنتج دون أن يكون هناك ما يدلل على أن عملية الشراء هذه قد تمت بالفعل (كالفاتورة على سبيل المثال) والتي لا توفرها جميع أشكال التجارة الإلكترونية، أيضًا هذا يخرجنا لنقاش جديد، وهو عزوف الغالبية العظمى من النساء عن محاسبة التاجرة -التي باعت لهن منتج بالمواصفات غير المرغوب بها- بحجة: “أنهن لا يردن قطع رزقها!”.

 

الأسعار.. مقياس التفاضل
وبالعودة مرة أخرى في التفاتة سريعة بشأن عوامل الجذب، نجد أن إلى جانب الشكل الملفت للمنتج وطرق عرضه على الإنستجرام بصور احترافية، تأتي الأسعار لتكون مقياسًا للتفاضل حيث أن الأسعار الرمزية للمنتجات على الإنستجرام لها وقع خاص على تحفيز النفس للشراء، مع العلم بأن الأسعار تتفاوت بين التاجرات وفقًا لأمور يدخل في نطاقها (الجودة، النوعية، المكونات، الشحن، التسليم.. الخ)، ولعل الأهم من ذلك هو تفرد التاجرة بمنتجاتها أي أنها تأتي بمنتجات لا تُباع في السوق المحلية التقليدية، لذلك يكون هذا مبررًا قويًا لرفع الأسعار دون أن يؤثر ذلك على إقبال النساء على شراء المنتج أو إعراضهن.
ومن ناحية أخرى نجد أن هناك بعض المنتجات المألوفة والمشابهة لتلك المباعة في السوق لكن عوامل معينة تجعل النساء أكثر ميلًا للطلب عبر الإنستجرام لكون العملية لا تتطلب جهدًا وتوفر على الزبونة عناء الذهاب للمحل حيث يوافقن 10% من النساء على أن سهولة الطلب والاستلام من أكثر العوامل المشجعة على شراء المنتج من الإنستجرام، إذ أكدن أنهن يكتفين بسؤال التاجرة عن تفاصيل المنتج ثم يباشرن بطلبه دون أن يزرن المحل – في حال كان المنتج معروضًا في محل تملكه التاجرة-.

 

أمانة تشوبها العيوب
ووصولًا إلى التاجرات أنفسهن، فلطالما لجأ بعضهن إلى الإجابة على تلك الأصوات الغاضبة بعبارات مجهزة سلفًا!، مثل ” إذا لم تظهر عليك نتائج المنتج فهذا يعني أنك من ضمن الذين لم يتناسب معهم المنتج وهم يشكلون نسبة كذا كذا”، لكن إن صح التعبير فإن تجارة الانستجرام هي شكل جديد من أشكال التجارة ويحتاج إلى الدعم والرقابة وهذا ما وافقت عليه 40% من النساء، وعليه قد تحتمل تلك التجارة الأمانة وقد لا تخلو من جوانب تشوبها، فهناك تاجرات وجدن طريقهن المستقيم في هذا المجال وحصلن على تصريح رسمي للترويج لمنتجات صنعنهن بأنفسهن، وحول هذا الأمر أكدت منى البلوشية – صاحبة محل “ذا بيوتي فاكتوري” الخاص بمنتجات طبيعية للجسم والبشرة والشعر- أنها بدأت العمل على صنع منتجاتها منذ سنتين من داخل منزلها وفق تصريح من قبل وزارة التجارة والصناعة، ولعل الأمر الذي أكسبها ثقة زبائنها هو إظهارها للتقارير المخبرية للزبونة والتي أجريت في مختبرات صحية بالوزارة.
وتفاديًا للمشكلة الأكثر شيوعًا في عالم التجارة الإنستجرامية (النتائج السلبية والعكسية) حرصت منى على تخصيص منتجاتها لتتوافق مع أنواع البشرة المختلفة، ففي محلها أبدت اهتمامًا بوصف المنتج بالطريقة التي تجعله واضحًا للزبونة، حيث تختلف المنتجات المخصصة للبشرة الحساسة عن الدهنية وهكذا، وتؤكد أن ذلك لم يقيها من مشاكل النتائج العكسية حيث عادت لها بخيبة إحدى الزبونات تصف لها تجربتها غير السارة مع إحدى المنتجات، فبعد سؤال منى الزبونة عن نوع بشرتها اتضح أن الزبونة أغرتها الإطراءات المتدفقة حول المنتج وبإلحاح داخلي أقدمت على شراء المنتج الذي كان في الحقيقة لا يتناسب مع نوع بشرتها.
ومن ناحية أخرى، أكد سيف بن سباع الرشيدي المستشار للشؤون الإعلامية والمكلف بالإشراف على الإعلام والتوعية ببلدية مسقط، أن أقسام التفتيش والرقابة على المنشآت ذات العلاقة بالصحة العامة بالمديريات العامة التابعة للبلدية ، تتولى مهمة التوعية على نطاق صاحبات المراكز التجميلية والعاملات بها وعلى نطاق مقتنيات مستحضرات التجميل، إذ تحرص البلدية على عمل حملات توعية للزبونات حول المنتجات والخلطات والزيوت والكريمات وغيرها مجهولة المصدر.

 

الترويج عبر المشاهير.. سياسة التاجرات!
ووفقًا للمقولة الشهيرة: “اسأل مجرب ولا تسأل طبيب”، يعد الترويج عبر الآراء من الطرق ذات التأثير القوي على النساء، حيث أن 14% من النساء يعتمدن على “المدح” قبل شرائهن أي منتج.
أما عن منى التي تمتلك اليوم 77 ألف متابع على صفحتها بالإنستجرام – من بينهم زبائن من خارج السلطنة- دون أن تلجأ لما يسمى بالتبادل الإعلاني لوصفها إياه “بطريقة اليائسين”، اعتمدت في التسويق لمنتجاتها على الهدايا التي قدمتها للمشاهير المحليين – ومن ضمنهم الممثلة بثينة الرئيسي- على أن تبدي كل مستخدمة فيها بعد رأيها حول التجربة، لتحفز بقية الناس على شراء المنتجات، وهي الطريقة التي لجأت إليها الكثير من التاجرات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ومن ناحية أخرى تحرص منى على أن تكون لمنتجاتها لمسة خاصة تتفرد بها عن المنتجات المباعة في الأسواق التقليدية، وهي نفسها لا تلتفت لمنتجات غيرها إلا إذا تأكدت بنفسها من كل جزء بالمنتج بدءًا بأدق مكوناته ونوعيته وانتهاءً برائحته وشكله النهائي.

 

وماذا عن منتجات التجميل من الصيدلية؟
وبعيدًا عن الدائرة التي تضم الزبونة والتاجرة فحسب، نجد أن العملية الشرائية على الإنستجرام تأخذ نطاقًا أوسع في التسويق والبيع الحر، لذلك يكون من الصعب ضبط تلك العملية خاصة وأنها قد تكون أحيانًا خارج نطاق الحدود الدولية، لكن تؤكد الصيدلانية رهف محمد من المملكة العربية السعودية أن الوثوق بمنتجات غير معروفة من الانستجرام “هو نوع من أنواع الجهل” ففي ضوء تزايد المنافسة لإبراز منتجات الانستجرام بأفضل حلة ممكنة أصبحت الثقة لدى البنات في منتجات الإنستجرام تطغى على الثقة بمنتجات الصيدلية وهو “الأمر المخيف” حيث تأتي المنتجات الطبيعية من جديد لتكون الدافع للشراء، وتعليقًا على هذا الأمر تشير رهف إلى أنها “ليست ضد المنتجات الطبيعية لكن يجب أن تقوم التجارة على المصداقية والشفافية ومن المفترض أن تكون التاجرة حريصة على الإلمام بكل ما يخص المنتجات التي تروج لها”.
وتناقش رهف بكل شفافية الموقف الذي يتكرر بكثرة في الصيدليات حينما يأتي مريض لطلب دواء ما ويعطيه الصيدلي دون سؤال (سواء كان دواء أو منتج للجلد والبشرة) وهذا “يعد نوع أخطرمن قلة الوعي من جهة وقصور المسؤولية من جهة أخرى” والوعي يجب أن يبدأ من المواطن الذي يلجأ للصيدلي قبل الطبيب وعلى الرغم من أن الصيدلي سيكون على دراية أكبر بالمنتج أو الدواء ومكوناته إلا أن الطبيب أقدر على تشخيص المريض والتعرف على تاريخه المرضي إن وُجد.

 

الحاجة أم الموضة؟
لا عجب أن الكثير من النساء كن “صيدًا سهلًا” للكثير من التاجرات، فمثلًا نجد بعضهن يفضلن شراء منتجات عبر الإنستجرام على الرغم من أنها متوفرة في السوق والصيدليات لكن هناك “فلسفة مدهشة” تنتهجها البعض منهن وهي: “عندما أقوم بطلب المنتج ذاته المتوفر في الصيدلية بسعر أعلى فأنا أعتبر هذا السعر اقتصادي لأنه يشمل تكلفة الشحن والاستلام من دول متقدمة مثل أمريكا وأوروبا ولأن جودته بالتأكيد ستكون أفضل”!.
وردًا على ذلك تتفق رهف على أن المريض أصبح الآن “مستهلك أكثر من كونه مريض” وتسلط الضوء هنا على المنتجات التجميلية الطبية التي صار بعد الناس يقتنوها لأغراض تجميلية وبدون وصفة طبيب، وتخص بالذكر هنا فيتامينات الشعر والأظافر التي أصبحت “موضة العصر” والتي تنافست النساء من أجل الحصول عليها على الرغم من أنها في الأصل علاجات أو مصححات لعيوب تجميلية صحية لمن يحتاجها وليست سلع كمالية لمن تتوافر لديه المقدرة النقدية.

 

من المسؤول إذن؟
وفيما يتعلق بالرقابة على تلك المنتجات، أوضح الرشيدي أن منح التراخيص أو منعها “لا يأتي ضمن اختصاصات البلدية” حيث تتولى المفتشات الصحيات مهمة التفتيش والرقابة على المستحضرات التجميلية المعروضة في المراكز التجميلية فقط وذلك حرصًا على التأكد من صلاحيتها للاستخدام الآدمي إلى جانب تفقد أحوالها وظروف حفظها وتخزينها وفقًا للاشتراطات والأسس المعتمدة، وعليه فإن البلدية تقوم “بمصادرة وإتلاف المستحضرات منتهية الصلاحية أو التي لا تحمل بيانات توضيحية أو تلك التي تظهر عليها علامات الفساد أو الخلطات مجهولة المصدر”.

وعلى الرغم من كل ما سبق ذكره، فمن الصعب نكران أن الأنثى بطبيعتها تميل للجمال والأنوثة ومن الصعب توجيه طبائع البشر إلى نمط معين كما من الصعب أيضًا ضبط التجارة الإنستجرامية لكونها بحر واسع من المستحيل حصره في قانون يحتويه.

وأخيرًا، تبقى التجارة الإنستجرامية عالمًا مفتوحًا وشديد الاتساع، لكن ما زال مستقبله غامضًا فهو لم يرقَ إلى الآن للمستوى الذي يجعله يسحب البساط من تحت التجارة التقليدية فما زالت هناك بعض العقبات التي لم يتم تذليلها بعد، حيث ما زال هاجس المخاوف الأمنية والجرائم الإلكترونية وسرقة المشتري تطارد الزبون فضلًا عن الجوانب الخاصة بالجودة والأسعار وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى