أخبار محلية

أسدال الستار على المؤتمر الدولي الخامس علاقات عمان بدول القرن الأفريقي

المؤتمر يوصي:

ضرورة السعي لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة وسلطنة عمان.
إنشاء مركز ثقافي متعدد المهام باسم مركز السلطان قابوس الثقافي لنشر اللغة العربية، ويقوم بتدريس التاريخ والحضارة العمانية لأبناء جزر القمر خاصة، وأبناء دول القرن الأفريقي عامة.
إبراز دور تجار عمان في نشر الإسلام بدول القرن الأفريقي،

أسدال الستار على المؤتمر الدولي الخامس

“علاقات عمان بدول القرن الافريقي” والمعرض الوثائقي المصاحب

اختتمت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة، فعاليات المؤتمر الدولي الخامس ” علاقات عمان بدول القرن الأفريقي”، وذلك تحت رعاية معالي سالم محمد عبد الرحمن وزير الشباب والعمل والاندماج المهني والثقافة والرياضة، والذي استمر على مدار ثلاثة ايام بالعاصمة القمرية موروني، والذي عقد خلال الفترة من 6 الى 8 ديسمبر الجاري بمقر البرلمان الاتحادي، حيث تعد هذه التظاهرة العلمية استمراراً وامتداداً لرؤية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية واهتمامها الدؤوب بإقامة مثل هذه المؤتمرات الدولية والندوات العلمية على غرار ما تم إنجازه في كل من تركيا وزنجبار وبوروندي وفرنسا. ويندرج المؤتمر الدولي الخامس في سياق إبراز الدور الحضاري والتاريخي والتراثي الإنساني للسلطنة عمان ودول القرن الأفريقي عبر العصور التاريخية، وقد تضمن المؤتمر 46 ورقة بحثية، وقد جأت مشاركة هؤلاء العلماء والباحثين ثرية ومتنوعة مؤكدة على الروابط الوثيقة التي ادلت على التواصل والإخاء والاندماج العماني في المناطق والدول التي تواجدوا فيها.

ختام المؤتمر كان عبر طرح مجموعة من التوصيات، ادلى بها معالي يحي محمد الياس مستشار رئيس الجمهورية للشؤن العربية، من أهمها السعي لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة وسلطنة عمان، كما أوصى الباحثين بتعزيز دراسة اللغة العربية في دول القرن الأفريقي عامة وجزر القمر خاصة، الى جانب إبراز العلاقة التاريخية الاستثنائية بين اللغة العربية واللغات الأخرى، والاهتمام بالبحث العلمي المشترك بين دول القرن الأفريقي وسلطنة عمان وتخصيص المزيد من المنح الدراسية للطلاب الراغبين في مواصلة دراسة التاريخ والحضارة بين جمهورية القمر المتحدة والسلطنة، إضافة الى إبراز دور تجار عمان في نشر الإسلام والحضارة والتراث الاسلامي بدول القرن الأفريقي، الى جانب ترجمة المصادر الفرنسية والانجليزية الخاصة بتاريخ جزر القمر إلى اللغة العربية، وتضمين موضوعات التاريخ المشترك في المناهج الدراسية، واوصوا الى تعزيز التعاون في الجانب العلمي، وعمل دراسات متخصصة في استقصاء وحصر القبائل والأسر العمانية المتواجدة في دول القرن الأفريقي، إضافة الى إقامة فعاليات ثقافية وعلمية بين عمان ودول القرن الأفريقي، وتعزيز علاقات التعاون والشراكة بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، وبين المركز الوطني للبحث العلمي والوثائق بجمهورية القمر المتحدة، ومراكز الأرشيفات والوثائق في دول القرن الأفريقي، وذلك في المجالات الوثائقية والمكتبات بصورة عامة، وتبادل الخبرات في المجال الوثائقي، وإنشاء كرسي باسم جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم للدراسات التاريخية والحضارية العمانية مع دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة في جامعة جزر القمر، وأوصى الباحثون الى فتح سفارة عمانية في جمهورية القمر المتحدة، ومثلها في عمان، لدعم التعاون وتطوير أواصر الأخوة بين الشعبين، وطباعة الأوراق العلمية للمؤتمر إلى اللغات العربية والقمرية والفرنسية والانجليزية، ونشرها بسلسلة البحوث والدراسات التي تصدرها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان، وإصدار دورية علمية محكمة سنوية تختص بنشر الدراسات والبحوث التي تتناول التاريخ المشترك بين دول القرن الأفريقي وجمهورية القمر المتحدة وسلطنة عمان.

كلمة سعادة الدكتور

وفي ختام المؤتمر قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، “يشرفني أن أرحب بكم ترحيباً يتجلى بالشكر والتقدير والإجلال والاحترام لكم أيها الخيرون القمريون والعمانيون وكل من شارك من الأساتذة الكرام فقد سعدنا بهذا الجمع المبارك وهذه النخب المتميزة من العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي وطلاب العلم والمعرفة مما كان له النتائج الإيجابية لسير أعمال المؤتمر بما احتوته أوراق العمل من بحوث ودراسات ثرية وقيمة استجابة لمتطلبات وغايات وأهداف ومحاور المؤتمر فضلاً عما قدم من المشاركين من حوارات ومداخلات ومناقشات أسهمت في إثراء الموضوعات – أيها الكرام – كان لتفاعلكم ومتابعتكم والانضباط في الحضور ملأ قاعة المؤتمر لهو دليل على الوعي الفكري والعلمي كيف لا وأنتم نخب تمثلون حقولاً علمية وعملية وفكرية متعددة الخبرات والاختصاصات ويؤكد ذلك لما لهذا البلد الطيب الذي يتصف أهله بحب العلم والمعرفة فلا غرابة فيما شهدناه من المشاركة والتجاوب والعطاء الذي تجسد في تحملكم عناء التنقل من مدنكم المختلفة رسخ في نفوسنا هذا الانطباع المتسم بنبل أخلاقكم وخصالكم الحميدة ليؤكد لنا مثابرة القمرين على العلم والمعرفة وحب العطاء والإخلاص في العمل وأمانة الأداء كل ذلك تناولته أوراق العمل وأكده الباحثون من خلال دراساتهم عن اسهامات القمرين لدى حكومة سلطنة زنجبار ها أنتم اليوم تضربون مثلاً رائعاً عظيماً لحبكم لإخوانكم في عمان وتؤكدون ذلك من خلال حسن التعامل وكرم الضيافة والأخلاق الفاضلة.

وأضاف سعادته بالأمس القريب شهدنا حفلاً بهيجاً عظيماً اتسم بسمو التنظيم والإعداد والحضور الكبير وسعدنا فيه برعاية كريمة من رجل كريم عظيم الأخلاق شديد التواضع إنه فخامة الرئيس عثمان غزالي والذي عبر بقلب صادق عن تقديره لأخيه مولانا جلالة السلطان قابوس المعظم وشكره على توجيهاته السامية لانعقاد المؤتمر في جمهورية القمر المتحدة كما شدد فخامة الرئيس في كلمته على الصلات الأخوية والعلاقات الأسرية التي جمعت العمانيين والقمريين على مدار القرون الممتدة لنصل اليوم لهذا المشهد الذي نستعرض فيه الروابط التي جمعتنا والقواسم المشتركة بين البلدين والشعبيين الشقيقين.

فتحية إجلال لفخامة الرئيس عثمان غزالي لرعايته وعنايته لتحقيق الأهداف المرجوة للمؤتمر وتحية ثناء واجلال للمقام السامي لمولانا جلالة السلطان قابوس المعظم الذي أسدى توجيهاته السامية لانعقاد المؤتمر في جزر القمر فكان لهذه التوجيهات وقعاُ خاصاً لنا جميعاً عملنا من خلال اللجنة الرئيسية المشتركة بكل جد وإخلاص لنصل في هذه الساعات الطيبة المباركة إلى اختتام أعمال المؤتمر الذي كشف عن العديد من المجالات والموضوعات لحجم العلاقات الطيبة وعمق التواصل الحضاري وبهذه المناسبة يسرني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير لجميع الأساتذة الكرام مقدمو أوراق العمل وإلى اللجنة الرئيسية واللجان الفرعية من الجانبين وإلى الأخوة في البرلمان لما قدموه من تسهيلات وإلى جميع الجهات الحكومية في جمهورية القمر المتحدة لحسن التعاون وتسهيل الإجراءات وإلى الإعلامين في البلدين لنقل الحدث والتغطية الإعلامية لمجريات المؤتمر والمعرض الوثائقي الذي شهد إعداداً وتنظيماً وإقبالاً كبيراً.

وتحية تقدير إلى الأخوة والأخوات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لما بذلوه من جهد وعمل متواصل في الإعداد والتحضير للمؤتمر والمعرض الوثائقي.

وتحية إجلال وتقدير لجميع القمريين الكرام في هذا البلد المعطاء ولكم أيها الأخوة الحضور فائق التقدير والاحترام”.

كلمة الباحثين

من جانبه قدم الأستاذ الدكتور عيسى بن محمد السليماني، كلمة الباحثين، أيام جميلة قطفنا منها ثمارا يانعة، بحثت عن الماضي وربطتها بالواقع والمستقبل بين أحضان هذه الجزر الزاهرة، والزاهيةُ بعقول العلم والمعرفة، التي وفٍدت من كل مكان لتلتقي هنا، هنا جزر القمر، ولتنفث بعدا علميا عميقا في محاور عدة، تنوعت بين أبعادها: السياسية والتاريخية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، والوثائق والمخطوطات.

كل ذلك جاء بجهد صنعته أيدي اشتغلت صباح مساء؛ لتحقيق هذا الحلم الذي أصبح واقعا، فهيئةُ الوثائقِ والمحفوظاتِ الوطنية بأعلى هرمها، ومن ينتسب لها، سعت جاهدة حثيثة في قراءة التاريخ العماني الإنساني المتجذر في أعماق التاريخ، وما يرتبط به من أبعاد سياسية وثقافية وحضارية، وبثته للمتلقي بتوثيق علمي معمق، كما استدعت العلماء والمفكرين في مجال البحث العلمي؛ لقراءة تلك المجريات والحوادث قراءة علمية معمقة تحليلة، تملثت في أوراق العمل.

إن هيئة الوثائق المحفوظات الوطنية بسلطنة عمان الموقرة، لها كل الثنا العطر؛ لما قامت به، وتقوم به من نبش للتاريخ العماني الإنساني؛ والأدل على ذلك، ما انعقد من مؤتمرات علمية، وما ارتبط بها من معارض، عرضت الوثائق والمخطوطات في أماكن متعددة، وفي دول اختلفت أبعادها الزمانية والمكانية، والتي كانت لها علاقات ممتدة مع عمان في معظم قارات العالم .

فأول لقاءٍ علمي كان في احتضان مدينة استنطبول بتركا ، وتبعه المؤتمر الثاني بزنجبار ، وجاء المؤتمر الثالث ببروندي ، وبعده بفرنسا، وها نحن اليوم نقف لنختم المؤتمر الخامس بجزر القمر، تلك المؤتمراتُ بقيت وتبقى سجلا خالدا في ذاكرة التاريخ، موثقا بهيئة الوثائق والمحفوظات بسلطنة عمان، وذلك من خلال المعارض الوثائقية المصاحبة لهذا المؤتمر، والذي كشف العديد من الوثائق والمخطوطات التي تناولت أبعادا تاريخية وحضارية .

إن المؤتمر العلمي الخامس ” علاقات عمان بدول القرن الأفريقي ” والذي يعقد بمورني – جمهورية القمر المتحدة ، جاء بمباركة سامية من لدن صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله ورعاه؛ لدليل على قوة العلاقة التاريخية الوثيقة التي تربط عمان بجزر القمر والقرن الأفريقي ، وقد جاء هذا المؤتمر بالتعاون بين هيئة الوثائق الوطنية بسلطنة عمان ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة . وقد قرأ المؤتمر عدة محاور في جوانب متعددة : التأريخي والسياسي – الاقتصادي والاجتماعي – الجغرافي والسكاني – الأدبي واللغوي والثقافي – الوثائق والمخطوطات والآثار . هذه القراءة التي قُدمت ، كشفت الأبعاد الحضارية لعمان ودورها وإسهامها في الحضارة الإسلامية الإنسانية في دول القرن الأفريقي : ومن هذه الدول : جزر القمر – وأثيوبيا – ومدغشقر – وموريشيوس – وجيبوتي – والصومال – إضافة لسقطرى .

كما إن الأوراق العلمية التي جاء بها الباحثون، قد عمقوا فيها الرؤية العلمية حول تلك المحاور، وبذلوا فيها عصارة فكرهم، ونقبوا عن مكونات ما يتعلق بتوثيق عملهم البحثي، وقد جاءت تلك القراءات العلمية بأقلام باحثين تنوعت مناهجهم العلمية، واختلفت مكانية انتمائهم ولغاتهم، فوفدوا إلينا من دول كثيرة، وبلغات مختلفة. لذلك مما يميز هذا المؤتمر هذا التنوع في حضور اللغات : العربية – الإنجليزبة – الفرنسية – القمرية – . هذا الاختلاف اللغوي ، أنتج تنوعا قرائيا ، وأثبت حضارة عملاقة امتدت عبر قرون طويلة لعمان الحضارة .

و لقد أضفت هذه الأوراق العلمية على المؤتمر، بعدا علميا رصينا، وثقت الوجود العماني في هذه الجزر القمرية والقرن الأفريقي، وأظهرت بأن العلاقة بين هذه الشعوب هي علاقة قائمة – ومنذ التاريخ – على التسامح والاحترام والاعتراف بالآخر، فأينع ذلك في العيش المشترك.

وتقدم السليماني بأسمى عبارات التقدير والإجلال لمنظمي هذا المؤتمر بلجانهم الرئيسية والفرعية، ولمن أخرج هذا المؤتمر بصورته الناجحة ، وقام وسهرعليه؛ ليظهر هذا الحدث العلمي بأبهى صورة — وعلى رأسهم من الجانب العماني سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان ، ومن الجانب القمري معالي الدكتور حامد كرهيلا الموقر ، وزير الدولة المكلف بالتعاون مع العالم العربي . كما لايفوتنا شكر الإعلامين الذي رصدوا الأحداث وبثوها بين المتلقين ، والشكر موصول لجميع الحاضرين الذين أثروا الجلسات بنقاشهم ومداخلاتهم .

وفي الختام قال السليماني ان هذا المؤتمر العلمي، يسرنا جميعا أن نرفع أيات الشكر والعرفان لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله وراعاه ، ومتعه بالصحة والعافية؛ لما كان له من توجيهات سامية في إقامة هذا المحفل العلمي ، فله منا أجزل التقدير والاحترام . كما لا ننسى دولة جزر القمر، ممثلة في فخامة رئيسها، عثمان غزالي ونوابه، ومن شارك منهم، فلهم منا التقدير والإجلال ، لما لقيناه منهم من حسن الضيافة والاستقبال ورحابة الصدر .

جلسات العمل

وكان جدول أعمال اليوم الختامي للمؤتمر بدأ بجلستي النقاش الأخيرتين الخامسة والسادسة، والتي تمحورت حول المحور الثالث والرابع والخامس، الجغرافي والسكاني، والأدبي واللغوي والثقافي، ومحور الوثائق والمخطوطات والآثار من خلال 25 ورقة عمل مختلفة، والتي ترأسها الدكتور سعيد محمد الهاشمي، حيث قدم الدكتور عيسى الحاج زيدي عميد كلية اللغة السواحلية واللغات الأجنبية بجامعة زنجبار الحكومية، الورقة الأولى بعنوان “القمريون ودورهم في تطوير الوظائف الإدارية في سلطنة زنجبار بين 1832-1910”

، حيث قامت السفن التجارية برحلات منتظمة بينهما لفترة طويلة، ولقد تغيرت ملامح زنجبار بمجيئ السيد سعيد إليها فأصبحت مركزا للتجارة الدولية والمنافسات السياسية والمنتديات العلمية والدينية والثقافية، وقد أنشأ السيد سعيد نظامه الإداري “برازا” (Baraza)، أو المجلس الذي ضم رؤساء العشائر العمانية، والزعماء الدينيين، وكتبة السلطان الذين يستطيعون القراءة والكتابة باللغة العربية واللغات الأوروبية المختلفة.

تعايش القبائل العمانية

وأكدت الورقة الثانية “العلاقات الوثيقة بين جزر القمر بسلطنة عمان منذ وصول القبائل العمانية إلى جزر القمر” للباحث هاشم محمد علي محاضر سابق بجامعة جزر القمر يعد وصول القبائل العمانية إلى جزر القمر هو من الأدلة الواضحة والقاطعة التي تشير إلى ارتباط جزر القمر بسلطنة عمان من قديم الزمان في الأنساب والقبائل، والباحث يشير إلى قبائل عمانية لتعايش القبائل العمانية في جمهورية القمر المتحدة في العصر الحالي حيث يحتل بعضهم مناصب سياسية ومهنية في المجتمع كمواطنين قمريين، وذلك لإعطاء أمثلة وليس للحصر.

علاقات وطيدة

وقال الأستاذ الدكتور، يفيم ريزفان نائب مدير متحف الأنثروبولوجيا والأثنوجرافيا في سان بطرسبورغ بروسيا، في الورقة الثالثة بعنوان “لتراث الثقافي العماني في جيمّا (إثيوبيا)” حيث كانت هذه السلطنة في وقت من الأوقات ترتبط بعلاقات وثيقة جدا مع زنجبار، وكان لسلطانها أبّا جيفار الثاني علاقات وطيدة ومستمرة مع سلاطين البوسعيديين بزنجبار وشرق أفريقيا. ففي جيمّا مازال مبنى قصر السلطان منتصباَ، أما أثاثه ومقتنياته ونفائسه بما فيها المخطوطات المحفوظة فقد نقلت اليوم إلى متحف محلي، ولعل أغلب مقتنيات القصر، النفيسة في معظمها، ذات أصول زنجبارية، عمانية، بيد أن هذه المقتنيات محفوظة اليوم، وللأسف الشديد، ضمن شروط وظروف في غاية السوء قد تؤدي في القريب العاجل إلى اندثارها تماما.

رصد التأثير

من جهته قال الدكتور خلفان بن ناصر بن خلفان الجابري أستاذ مساعد بكلية التربية، في الورقة الرابعة “التأثير العماني في مدارس تحفيظ القرآن الكريم (الكتاتيب) بجزر القمر” حيث ان الدراسة تناولت رصد التأثير العماني في مدارس تحفيظ القرآن الكريم (الكتاتيب) وتوثيقه في إحدى دول القرن الأفريقي (جزر القمر) باستخدام المنهج التاريخي الذي يتتبع التطور التاريخي لهذه المدارس والتأثير الذي أحدثه العمانيون في تأسيسها، والمنهج الوصفي الذي يقدم وصفاً تحليلياً لهذه المدارس وأساليب التعليم والتعلم فيها مقارنة بما كان متبعاً في عمان قديماً.

شخصيات عمانية

وجاءت الورقة الخامسة بعنوان ” بعض الشخصيات ذات أصول عمانية في جزر القمر” للدكتور عبد الرؤوف عبده عمر، عميد كلية الإمام الشافعي للعلوم الإسلامية والعربية بجامعة جزر القمر، تحدث فيها عن العلاقة والتواصل الكبير والمبكر بين العمانيين وجزر القمر علاقة قديمة،ومن القبائل العمانية التي وفدت إلى جزر القمر قبيلة جمل الليل؛ ومن علماء وشخصيات هذه القبيلة في جزر القمر الشيخ أحمد الطيور، الذي يقال عنه أنه عندما أراد أن يعود إلى عمان بعد أن قضى أكثر من ستين سنة في جزر القمر، ولكنه توفي في البحر، ولم يعرف له قبراً، فسمي بأحمد الطيور. ومن أحفاده السيد محمد شريف احمد. وتناول الباحث فيه بحثه عن هذا العالم الجليل الذي ذاع صيته في شرق أفريقيا بين زنجبار ومدغشقر وجزر القمر.

الروابط

وتناول الدكتور عيسى بن محمد السليماني، أستاذ النقد الأدبي، بكلية العلوم التطبيقية بنزوى، في الورقة السادسة “الروابط السياسية والاجتماعية بين زنجبار وجزر القمر مدائح السلطان خليفة بن حارب أنموذجا” حيث تعد الصلات السياسية والثقافية والاجتماعية بين سلطنة زنجبار ودول القرن الأفريقي عامة، وبين زنجبار وجزر القمر خاصة، ذات بعد تاريخي؛ خاصة في عمق العلاقات الاستراتيجية بين زنجبار وجزر القمر؛ مما جعل تبادل الصلات بينهما قوية ومتينة.

اسهامات العمانيون

وناقش الدكتور أحمد محمد طويل من جمهورية القمر المتحدة، ” أثر التراث الثقافي العماني في المجتمع القمري”، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية أن العمانيين وصلوا إلى دول شرق أفريقيا وعاشوا فيها قبل مجيء الإسلام إليها، وذلك عبر الموانئ البحرية الواقعة على سواحل المحيط الهندي، فأسسوا المدن، ونشروا الثقافة والأخلاق العربية الرفيعة. وبعد مجيء الإسلام استمرت تلك الصلات، واضطلع التجار المسلمون بحمل راية الإسلام ونشر رسالته الإنسانية إلى أقطار العالم، مما أدى إلى جعل هذه العلاقة أكثر رسوخًا على مدى الأزمنة دون انقطاع إلى يومنا هذا. وقد أسهم العمانيون في بناء حضارة دول شرق أفريقيا وتنميتها وازدهارها، ومنها جمهورية القمر المتحدة، حيث كان للوجود العماني فيها دور ريادي في نشر الإسلام وسماحته، كما كان لهم أثر كبير في صناعة مجدها وثقافتها، وهذا مما لا يخفى على ذي بصيرة، فالمؤثرات العمانية هي السمة الغالبة والبارزة في المجتمع القمري في معظم مظاهره وجوانبه المختلفة

حاجي حميدي

واختتمت الجلسة بورقة الباحث حاجي حميدي بن محمد، بعنوان “حلقة الوصل بين الثقافة والفكر العماني الزنجباري في جزر القمر (1891-1958)” ناقش الباحث شخصية حاجي حميدي بن محمد وخلفيته الفكرية وعلاقاته بكل من عمان وزنجبار خلال النصف الأول من القرن العشرين، حيث حاول نقل ما اكتسبه في زنجبار من مخزون ثقافي وفكري للمساهمة في تطوير الجوانب الاجتماعية والاقتصادية في جزر القمر، كما ناقش الباحث أيضا مساهمات العمانيين في نشر الثقافة العمانية والحضارة الإسلامية في جزر القمر.

الجلسة الثانية

وفي الورقة الأولى من الجلسة الثانية التي ترأسها الأستاذ الدكتور العروسي الميزوري، استهلت بورقة ” العوامل الأدبية العمانية المؤثرة في الأدب القمري” دراسة أدبية وصفية تحليلية للدكتور محمد مؤمن صادق محاضر في كلية الإمام الشافعي، بجامعة جزر القمرويقول فيها الباحث بإن التقارب بين المتقاربين بالثقافة والدين والعادات والتقاليد والدم والنسب من باب أولى وأفضل، لذلك اهتم الباحث بدراسة المؤثرات الأدبية العمانية في الأدب القمري لما في ذلك من وجود عدد كبير من العلماء والأدباء القمريين الذين تأثروا بالأدب العماني حينما تتلمذوا عند الأدباء والعلماء العمانيين في جزيرة زنجبار، حينما كانت هذه الجزيرة تحت إمبراطورية سلطنة عمان في القرن التاسع عشر، مثل الشاعر الأديب القمري أبي محمد برهان محمد مكلا القمري وغيره من العلماء الكبار في جزر القمر كالمفتي السابق السيد محمد عبد الرحمن.

التقاليد المشتركة

وجاءت الورقة الثانية بعنوان ” التقاليد الموسيقية القمرية بين أفريقيا وإمبراطورية عمان في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر” للدكتور موسى سيد أحمد، محاضر التاريخ والحضارة القمرية بجامعة جزر القمر، ساهم تعدد الشعوب بجزر القمر في قيام حضارة ساحلية جنوب شرق المحيط الهندي متعددة الهويات، كما إن توسع الإمبراطورية العمانية بداية من العصور الوسطى بدأ من مضيق هرمز إلى غاية حدود مدغشقر مرورا بكلوا وزنجبار وجزر القمر حيث أثرى ثقافيا واجتماعيا جل الشعوب القاطنة على السواحل، وتهدف الدراسة الى إعادة العلاقات الثنائية بين الموسيقى القمرية والعمانية بطريقة لها مدلولها الثقافي وتستجيب للسياق الاجتماعي التاريخي المعاصر، كما غيرت من الإيقاعات الموسيقية والأغاني والألحان والرقص الشعبي وآلات الموسيقى وكذلك الحضارة المادية والروحية العربية والإسلامية والأفريقية.

بصمة واضحة

وعرج الدكتورعلي طبيبو إيبوروا، محاضر بجامعة جزر القمر في ورقته الثالثة على ” معالم الحضارة العمانية في جزر القمر: التاريخ، الحضارة، الإنسانية “،وفيها تطرق على آثار وتأثيرات العمانيين في أرخبيل جزر القمر، إن حوليات تاريخ جزر القمر مدعمة بمواقف مهمة من التبادل مع عمان، ومع مرور الزمن سمحت المبادلات من خلق تاريخ وثقافة مشتركة، ولقد كان التواجد العماني بالساحل الشرقي معتبرا منذ القرن السابع عشر، حيث زادوا من توسعهم السياسي والاقتصادي على نطاق واسع، وهناك ثلاث ميادين مهمة وأساسية تركت آثارها المباشرة ومن المهم الإشارة إلى الطابع الغير قابل للمحو والاندثار والمتمثل في التاريخ الشفوي، والثقافة كالرقص والغناء واللباس، وفي الأخير الرجال الذين هم الشاهد الحي على توارث الأسطورة العمانية بين القمريين ورغم أنهم كانوا أقلية لكنها مؤثرة، بفضل الدور الذي لعبه هؤلاء خاصة في الجانب الديني منذ الهجرات الأولى للأرخبيل، ولقد دام وجودهم في المحيط الهندي إلى غاية القرن العشرين وبالتالي كانت بصماتهم واضحة في تاريخ المنطقة.

رسوخ وثبات

وعنونة الورقة الرابعة “بالملامح العمانية في المفردات الأدبية واللغوية والثقافية بجزر القمر” للباحث معلم الأزهر عبد الله، المراجع الشرعي الداخلي لميثاق للصيرفة الإسلامية، ويبرز فيها الحضارة والعراقة العمانية بجزر القمر، ويبرز هذا الجلاء أكثر في أدبيات هذا البلد ولغته وثقافته، ولعل هذا ما ساعد على بقاء ملامح هذه الحضارة في التربة القمرية عبر العصور. فالأدب القمري ما هو إلا أدب عماني أصيل تأثر عبر السنوات بموجات من العوامل وانحرف نوعا ما عن أصالته. فقد استخدم الحكم العماني اللغة العربية ـ بطبيعة الحال ـ أثناء تواجده في جزر القمر، وأصل الأدب العربي العماني فيها، ثم زال الحكم تاركا ورائه تراثا خالدا وبارزا يمثل الآن أقدم شيء يتذكره الشعب القمري عن تاريخه. أما الثقافة القمرية، فهي الأخرى لصيقة بالثقافة العمانية وامتداد لها. فاللباس، والأعراس، والعادات، والتقاليد، والحفاوة، والاحترام وأمثالها لا تجد دولة في العالم تشارك سلطنة عمان فيها أكثر من جزر القمر، كما أنه يستحيل أن هذه البلدة أخذت هذه المكونات من أي بلد آخر سوى السلطنة أو دولة تابعة لها ـ زنجبار- ورغم طول فترة الاستعمار الفرنسي ـ الذي بقي 150 سنة – وجهده الكبير في محو الأصالة العمانية في جزر القمر، إلا أنه فشل كل الفشل حيث لا زالت ملامح الحضارة العمانية هناك بارزة. ويكفي أن مصطلح “حضارة” في جزر القمر يعبر بكلمة “استعراب”، والإنسان المتحضر يعبر هناك بكلمة “مٌستعرب”. كما أن العملة القمرية مكتوب عليها “فرنك قمري” إلا أن القمريون كلهم أبوا إلا أن ينطقوها “ريال قمري”.

وقدم الدكتور فوزي محمد بارو، عميد كلية الآداب بزنجبار، الورقة الخامسة تحت عنوان ” أثر اللغة العربية على الصومالية والعلاقة بين اللغتين” وفيها يقول الباحث الدكتور بأن اللغة الصومالية تنتمي مع العربية إلى اسرة واحدة فهي متأثرة بدرجة كبيرة باللغة العربية، ويتضح ذلك جلياً في الجانب الصوتي والمفردات الى جانب الجانب الاجتماعي والثقافي والسياسي والتجاري، وكذلك الجانب النحوي والصرفي، ويبرز الباحث في دراسته الى العلاقة التي تربط اللغة الصومالية باللغة العربية.

هرار وهرلاء

وفي الورقة السادسة “هرار وهرلاء: الآثار الإسلامية والصلات التجارية في أثيوبيا الشرقية في العصور الوسطى” للأستاذ الدكتور تيموثي انسول، أستاذ في علم الآثار في معهد الدراسات العربية والإسلامية بجامعة اكستر، وفيها تشير الدلائل إلى أن مدينة هرر تأسست لاحقا بعد القرن 15 الميلادي، بينما مدينة هرلاء كانت مركزا صناعيا وتجاريا فيما يقارب القرنين 12 و13 الميلادي، ومن المحتمل أن يكون الموقع له دور عالمي وتنوع القاطنين المنخرطين بكثافة في الأنشطة التجارية والصناعية.

الحضور القُمري

واختتمت الجلسة بورقة الدكتور عبد العزيز بن هلال بن زاهر الخروصي، مدير دائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق، “حضور القُمريين في الحياة الزنجبارية خلال الفترة من عام 1911 إلى 1964م” حيث عَرفت المناطق الواقعة في الساحل الشرقي لأفريقيا وجوداً عمانياً واسعاً، منذ فترة ما قبل الإسلام، فاستقرت أعداد كبيرة منهم في أقاليم ومناطق القرن الأفريقي، ودول البحيرات العظمى وغيرها. وكانت زنجبار محطة الارتكاز التي انطلقت منها الرحلات البحرية إلى داخل الشرق الأفريقي، خاصة خلال فترة حُكم السيّد سعيد بن سلطان 1806-1856م. وبما أن جزر القُمر ليست ببعيدة عن زنجبار، فقد نظر إليها العمانيون على أنها منطقة جذب تستحق الوصول إليها واكتشافها، ومن ثم الاستقرار فيها، وقد توافدت قبائل عُمانية مختلفة إلى هذه المناطق، كان من أثر ذلك دخول الأهالي إلى دين الله الإسلام، وازدياد الحركة التجارية من عُمان وإلى الجزر، وما صاحبه من نشاط اقتصادي مزدهر.

إنّ العلاقة الوثيقة بين عمان وزنجبار وجزر القُمر، أسهمت في توطيدها وشائج القُربى التي تربط العُمانيين في كلا الجانبين، والتأثير الكبير للعُمانيين في مختلف أوجه الحياة القمرية. وإزاء ذلك كان من الطبيعي أن يزداد التواصل الإنساني بين أهالي الإقليمين، هذا التواصل لم يقتصر على جانب دون غيره، فقد شمل ميادين كثيرة، واحتوى على مظاهر متعددة. وخلال فترة حُكم السلطان خليفة بن حارب لزنجبار 1911ــ 1960م، شهدت العلاقات نموا كبيراً، أفسحت المجال لتوافد أعداد كبيرة من القمريين للعمل في مختلف المجالات وامتهان الكثير من الحرف، بحيث أصبحت زنجبار مقصداً لهم، ومركزاً يتطلعون الوصول إليه. وممّا لا شك فيه أنّ القمريين لقو العناية والرعاية من قبل الأسرة الحاكمة، ونالوا التقدير والاحترام من الزنجباريين، الأمر الذي جعلهم يستقرون فيها بأعداد كبيرة.

وتكمن أهمية البحث في تتبعه لمراحل حضور القُمريين إلى زنجبار، والدوافع التي جعلتهم يتخذون منها مركزاً لأعمالهم وأنشطتهم التجارية. وأسباب تواجدهم المميز في المجالات الاجتماعية من حيث التزاوج وتأثرهم بالعادات والتقاليد العُمانية بشكل أكبر، ويعالج البحث إسهامات القمريين في الحياة التعليمية والثقافية وغيرها، وإلى أي مدى وصل حضورهم وتواجدهم في أوجه الحياة الزنجبارية بشكل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى