عمانيات

“الحضارة العمانية” قصة يجب أن تعزز

وهج الخليج-مسقط

تحقيق: عمر الغافري، غيث السعدي، خالد البكري

الحضارة العمانية تاريخ وتراث عريق، قصة نجهل حقيقتها!، هل فكرت يوما بكيفية المحافظة على هذا التاريخ والتراث؟ هل فكرت يوما بالصعوبات التي تقف عائقا أمام هذا الإبراز للتاريخ والتراث؟ هل فكرت يوما بكيفية الاهتمام بهذا التاريخ والتراث؟ هل فكرت بكيفية إعداد هذا التاريخ والتراث في كتبٌ وكيفية تقديمها للأجيال؟ أسئلةٌ تطرح وتدور في الذهن!.
حق التاريخ
أكد يوسف الغيلاني – دكتور بقسم التاريخ بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس – أن التاريخ لعب دور هام وبارز في الحفاظ على مختلف آثار التراث التاريخي العماني، من خلال توثيق كل ما يرتبط بالتاريخ العماني، كذلك التاريخ يقوم بالإشارة إلى المصدرية قبل حفظ أي أثر، وأنه لا قيمة للموروث بدون مصدر لأنه يعتبر إنشائي. وأشار إلى أن هنالك بحوث و دراسات بما فيه الكفاية غطت على جوانب عديدة تكاد تكون شاملة للتاريخ العماني، بالإضافة للعديد من المؤتمرات و الندوات في هذا المجال، ولكن التاريخ لم يأخذ حقه كاملا وأنه يُحترم فقط في إطار المؤتمرات و بعدها لا قيمة للتاريخ. وأضاف أن التاريخ من الناحية العملية لا يوجد تقصير له، فهنالك مؤسسات و متاحف خاصة بالتاريخ العماني وهذا دليل على الاهتمام بهذا المجال، لكن كجهود لتعزيز التاريخ للناس فهناك تقصير كبير.
بين الفقر والاهتمام
ذكرت فاطمة الشكيلي – دكتورة في قسم المسرح بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس – أن المسرح في عمان لديه فقر في كتابة المسرح والدراما بشكل عام والتي تتحدث عن التاريخ والعادات والتقاليد والقضايا الكائنة في المجتمع ، ولكن المهتمين في المسرح يعملون بشكل دائم، والدعم المالي بشكل عام أحيانا لا يقف أمامهم عائق في أعمالهم المسرحية الكبيرة والتي تلقى رضى الجمهور والنقاد، حيث إنها جهود فردية تتشكل حبا في الفن وإخلاصا في العمل، ولكن دعم الدول للمنتجين للأعمال المسرحية يخلق حراك مسرحي للدول.

تحديات الإعلام
أوضح أحمد الحضري – مدير قناة عمان الثقافية – أن القناة تركز على الثقافة والموروث الثقافي المادي واللامادي في عمان، ويتم إعداد البرامج من قبل المعدين في القناة وفِي تلفزيون سلطنة عمان والمخرجين والمذيعين وكذلك التعاون مع المختصين من مثقفين وأكاديميين لإعداد المادة العلمية لتنتجها القناة، ولكن هذه البرامج تستغرق الكثير من الوقت من حيث تنسيق الشخصيات والشهود الذين سيتم تسجيل الحوارات واللقاءات معهم والعديد من الجوانب الفنية واللوجستية. وأضاف إلى أن التحديات التي تواجههم العدد المحدود للمختصين في إعداد البرامج الوثائقية والأفلام الوثائقية وكذلك الفنيين الماهرين الذين يمكنهم الصبر على العمل في هذه النوعية من الأعمال التي تحتاج إلى مهارة عالية ورؤية خلاّقة لتنفيذ الأفكار الموضوعة في السيناريو، ولابد أن تتلاقى الأفكار بين العاملين في أي عمل فني ويفهم كل منهم ماذا يريد الأخر، فالمصور لابد أن ينقل أفكار المخرج أو السيناريست من خلال الكادر الذي يشكله ويصوره بعدسته، وكذلك فني الصوت والإضاءة وفني المونتاج والمؤلف الموسيقي ومصمم الجرافيكس، والعملية الإنتاجية عملية تكاملية وغاية في الاحترافية والإبداع فمتى ما توفر الكادر البشري المبدع المتمكن من أدواته مع الموازنات المالية التي تستطيع أن تمول الإنتاج فحينها ستقل الصعوبات والتحديات المواجهة في التنفيذ.
إلزامية الحماية والتوعية
بيّن ناصر الجهوري – دكتور في قسم الآثار بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس – أن كل دولة لابد أن يكون لديها قانون محلي ينظم عملية حماية التراث مع وجود القوانين الدولية المعترف بها عالمياً، وأن للتوعية دور هام يساهم بشكل كبير للمحافظة على الآثار سواء بطرق منهجية علمية أو من خلال وسائل الأعلام المختلفة .
الاهتمامات مستمرة
أبدى سلطان البكري – مدير عام الآثار بوزارة التراث والثقافة – أن الوزارة لديها اهتمامات بالمكتشفات الأثرية والتاريخية بشقيها المادي والغير مادي، حيث أن التراث المادي يوثق ويصور ويمسح من خلال جميع المكتشفات الاثرية والتاريخية، وأشار إلى أنه توجد دائرة مختصة بالوزارة ضمن المديرية العامة للآداب تصب جل اهتمامها بتجميع وتوثيق وتصوير ومراجعة العادات والتقاليد التي يتوارثها العمانيون على مدى الأجيال.
واقع المناهج
أكد خالد الرحبي – نائب مدير قسم تطوير المناهج لقسم الدراسات الاجتماعية بوزارة التربية والتعليم – المناهج الدراسية العمانية لاسيما مناهج العلوم الإنسانية تضمنت عددا من الشخصيات التاريخية العمانية مع ذكر المنجزات الحضارية التي قدمتها هذه الشخصيات، وقد جاء عرض هذه الشخصيات في المناهج متنوعا في الطرح بين النص والرسم والنشاط التعليمي، حيث تعرض المادة العلمية في كل منهج حسب طبيعة المادة والمستوى العمري للطالب. ويأتي تناول هذه الشخصيات إما بتخصيص درس كامل عنها أو بتقديم نبذة مفردة عنها أو باستعراضها ضمن الشخصيات العمانية الأخرى، أما بالنسبة للمناهج التي تتحدث عن التراث فقد تضمنت المناهج عدد من مفاهيم التراث المادي وغير غير المادي منها الفنون التقليدية العمانية بمختلف أنواعها، إضافةً إلى ملامح الهوية العمانية بما تمثله من ملابس تقليدية وعادات وتقاليد والحرف، كما اهتمت بعرض القلاع والحصون والمواقع الأثرية، إلى جانب الصناعات التقليدية. وأضاف الرحبي فيما يتعلق بالرؤية المستقبلية لتضمين تلك المفاهيم وغيرها من المفاهيم في المناهج الدراسية، فإن المديرية العامة لتطوير المناهج تسعى إلى مواكبة كل المستجدات المتعلقة بمفاهيم التراث بما يتضمنه من أنواع التراث الثقافي المادي وغير المادي وكذلك التراث الطبيعي، ويتجلى ذلك من خلال عملها المميز والمثمر لوثيقة متكاملة شمولية حصرت وصنفت كل المفاهيم العامة.
الإبراز والترسيخ
أشار جمال البلوشي – أستاذ دراسات اجتماعية في مدرسة أسعد بن زرارة – إلى ترسيخ التاريخ والتراث العماني لدى طلاب المدرسة يتم من خلال تكليف الطلاب بعمل تقارير عن الشخصيات العمانية والأماكن التراثية بالرجوع لمصادر التعلم و الشبكة العنكبوتية، وعرض أفلام وثائقية والاستعانة بمصادر خارجية، وأضاف على أنه يوجد تفاعل من الطلاب يدل على الفهم والاستيعاب. فيما أكدت فاطمة السعدي – أستاذة دراسات اجتماعية في مدرسة درة المعرفة – على أن منهج الدراسات الاجتماعية يحتوي الكثير من الشخصيات التاريخية ويتطرق للمحافظات بما تحتويه من رقصات شعبية وعادات وتقاليد متنوعة، كذلك تعزز الشخصيات ودورها من خلال قراءة بعض القصص عن تلك الشخصية وزيارة أهم المواقع الأثرية مثل الحصون التي قام ببنائها الشخصيات العمانية ودورهم في تفعيل تلك القلاع وأهميتها الحربية، في حين يتعرف التلاميذ من خلال زيارتهم للموقع الأثري عادات وتقاليد وكفاح تلك الشخصيات، وأشارت إلى أن الفنون يتم تدريسها من خلال عرض مقاطع فيديو لتلك الرقصات واستغلال المناسبات الوطنية ليقوم التلاميذ بأدائها وتعلمها، وقد تم لمس تجاوب جميل من قبل التلاميذ وهو حب الاستطلاع والتشوق للشخصيات التاريخية وكيفية عيشهم والتعرف على نمط حياتهم، والفنون الشعبية فقد برع الصغار في حفظ وترديد الأهازيج الجميلة والقديمة وينتابهم شعور الفرح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى