المقالات

رجل من أقصى المدينة

بقلم : نورة الجساسي

غالبا ما ننظر لأقاصي الأشياء أنها مهملة ، ومبعثرة، ولا أهمية تكمن فيها، كما أن الأقاصي دائما هي الجانب الخفي في كل شيء .
وعادة ما يكمن في هذا الخفاء أفق جديد ، ونظرة مغايرة لما هو ظاهر في مقدمات الأمور. كما أن من تتاح له الفرصة للمكوث هناك في الأقصى تتاح له النظرة الشاملة لمجريات الأمور. فمن ينظر من بعيد ، نظرته أعم وأشمل وأقدر على فهم الحقائق وإتجاهات الأحداث عن من يكون في وسط معمعة الأشياء ، وفوضى الحدث.
ولذلك فكم نحن اليوم بحاجة إلى اتخاذ الأقاصي منبرا للفهم ، واستكشاف حقائق الأمور.
فلعلنا بذلك تنار لنا طريق ما كنا سنعرفه لولا هذا الموقع الذي اتخذناه.
ففي أقاصي المدن كثيرة هي الخبايا ، وكثيرة هي القصص التي تكتب خلف جدرانها، أو بين أزقتها التي حوت أسرار سالكيها .
كما كانت أقاصي المدن كذلك تثير شغف المغامرة فيها .. كونها في المنظور بسيطة خاوية … تعيش غلى الفطره .
ومن يتواجد في المدينة عادة ما يظهر على الساحة الإعلامية بشكل أسرع عمن يكون في أقاصي المدن عادة ، وليس هنا المعيار لعظمة العمل بقدر ما هو في الحقيقة توافر وسائل وطرق النشر المختلفة.
وفي التاريخ كثيرون هم العظماء الذين أحدثوا نقلة ما أو تغييرا في مجتمعاتهم. ومع ذلك كانوا في أغلب مراحل عمرهم مجهولين أو منتقصي القيمة في وجودهم بمعني آخر فإن الأمر سيان كانوا أم لم يكونوا.
رجل من أقصى المدينه.. ساق لنا القران هذه القصة ليس لبيان من هو الرجل ، بل لعظم فعله وصدق نيته ثم ذكر لنا المصير الذي آلِ إليه .، وما هي أمنيته بعد ذلك : قال تعالى : في سورة “يس” الآية: “وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَٰنُ بِضُرٍّ لَّا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (24) إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27″) صدق الله العظيم .

يتجلى لنا هنا صدق النية وصفاءها وحسن المقصد . والحب للنفس وللغير على حد سواء وقد ذكر لنا الرسول علية الصلاة والسلام هذه القيمة الأخلاقيه عندما ارتبطت بحق بصدق إيمان المرء حين قال : ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” صدق رسول الله .
وفي وقتنا الحاضر يمكن القول أنه ليس شرطا أن تكون ذَا منصب وقيمة اجتماعية حتى تقوم بخطوات الإصلاح في مجتمعك .
فالعمل مقرون بالإخلاص هنا وصدق النية .
كما أن البعض يعول على مقولة وهنا أذكرها بالعامية ( وش الفايدة دام ما حد بيسمع الكلام )

هنا أجيبه أنك بهذه الخطوة قد قمت بواجبك تجاه مجتمعك وإصلاح ما به من الخلل، وسواء نجحت أم لا فجزاؤك موفور وحقك محفوظ عند رب الملك والملكوت.

ثم إن المسلمين يجب أن يكونوا كما وصفتهم الآية التالية حيث
قال الله تعالى : في سورة التوبة “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)” صدق الله العظيم.
انتهى

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى