المقالات

تعددت الجرائم الإلكترونية..والدليل مقدم من مرتكبها !

بقلم: المحامية ميمونة السليمانية

الحياة رسائل فالفطن هو من يعي مغزاها..ويفهم توقيتها..ويتخذ مايلزم. ولأن الأسبوعين الفائتين طالعانا بحادثتين الواحدة تلو الأخرى بطلتي الحادثتين العنصر النسائي في بلادي.. أجد نفسي تحت وقع إلحاح الكتابة لكم. لنصل معا لإجابة.. لايهم حتى لو لم تتسم كثيرا بالمنطق.

حيث تداول الجميع نوعين من المقاطع أحدهما تسجيل صوتي تم تخزينه ضمن برنامج إذاعي لقناة خاصة..بينما المقطع الثاني فهو تصوير مرئي عبر تطبيق سنابشات الذي يتيح بث المقاطع الشخصية مباشرة للمتابعين لحساب ما.  إن هذا التحليل المبسط ضروري لأتناول معكم بالنقاش طبيعة كل واقعة على حدة وفق التشريعات ذات الصلة في سلطنة عمان.ولكن لنتفق مبدئيا على تعريف كلمة “المحتوى” وفق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية” الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2001/12). حيث عرف القانون مصطلح المحتوى في الفقرة (ن) من المادة ( 1) منه بأنها :

“موضوع البيانات أو المعلومات الإلكترونية محل التجريم بموجب أحكام هذا القانون ،أيا كان  ذلك المحتوى نصا مكتوبا أو صوتا أو صورة أو صوتا و صورة”. إذن كل هذه الأشكال والصيغ تقع ضمن نطاق “جريمة محتوى إلكتروني”.

بعد هذه المقدمة دعونا نتناول كل واقعة على حدة. حيث في واقعة المقطع الصوتي: يبدو أن فكرة البرنامج الإذاعي المتصل بالواقعة أنه يتيح للمستمعين ممن يشاء تسجيل مقطع صوتي يرسل عبر تطبيق إلكتروني لمناقشة آرائهم في موضوع تم تحديده من قبل المعدين أو القائمين على البرنامج.

لذا فإن أي من الجمهور له مطلق الحرية في تسجيل مقطعه الصوتي بملئ إرادته وبمعرفته المسبقة بإحتمالية بث مقطعه على  الهواء مباشرة في القناة.

قامت بتسجيل مقطع تتناول فيه رأيها الذي ينطوي على ما تم تكييفه من جهات الاختصاص بأنه يرقى إلى فعل يستوجب استدعاء صاحبة المقطع للتحقيق. والجميع يترقب تكييف الجريمة التي ربما يتم المحاسبة عليها أو سقوط المسؤولية ربما! كما نتطلع إلى أطراف تحريك الشكوى أيضا وما إذا كان هناك مسؤولية على القناة لقيامها ببث المقطع الصوتي حيث لم تكن لتخرج الواقعة للنور لولا البث المباشر للمقطع إذاعيا.

أما الواقعة الثانية لمقطع مرئي: يبدو أنه من إنتاج صاحبته التي قامت بتصوير نفسها أثناْ قيادة السيارة بسرعة تتجاوز المسموح به وفق قانون المرور العماني ولائحته. والتصوير تم على تطبيق متاح تنزيله واستخدامه في سلطنة عمان. ونشرت صاحبته المقطع بمحض إرادتها المطلقة وفق مايحيط من المقاطع المتداولة.

وصل المقطع للجهة المختصة في هذه الحالة ألا وهي شرطة عمان السلطانية التي وبشفافية محمودة بادرت بالتصريح عبر وسائل الإعلام الجديد بالواقعة وتأكيد اتخاذ الاجراءات القانونية لهذه المخالفة المرورية بموجب قانون المرور العماني والمسجل دليل إرتكابها على نحو قاطع وأكيد عبر تصوير مرتكبتها نفسها أثناء ارتكابها!

ما سبق هو تحليل لتفاصيل الحادثتين. غير أنه ومع إختلاف الجرائم سواء على أرض الواقع أو المنشورة بإستخدام وسائل التقنية الحديثة والمواقع الإفتراضية لنتفق على ما يلي:

قيام الشخص بمخالفة القانون أمر وارد، أما تعمده التباهي بها بنشرها للأكبر عدد ممكن هو مؤشر خطير علي هيبة القانون واحترامه.لاسيما في حال استخدام وسائط سريعة الانتشار كالواتساب والإذاعة أو سنابشات أو حتى انستغرام وغيره! ماهي الرسالة ياترى؟! هل أن الشخص يعلم بأن الفعل الذي ينشره مخالف للقانون ولايهمه! ويشجع الآخرين لتقليده!

قيام الشخص برعونة واستهتار وبدون مبرر بتسجيل مقاطع صوتية لآراء ليست بالضرورة تتطلب تداولها لايجوز التعاطف معه لنفس الأسباب للواقعتين. القوانين والتشريعات تأتي لأهداف إنسانية ونبيلة وهي تكريس القيم والفضائل لكنها لن تتكفل بتربية من يجهلها أو يتعمد مخالفتها!

الأفعال الإنسانية لانهائية من حيث طبيعتها وتعقيداتها! لذا الكل يتساءل ما هي المادة القانونية التي من المحتمل تطبيقها على وقائع مشابهة للواقعتين التي نناقشهما؟ فبالإضافة إلى تطبيق القانون المختص بالفعل نفسه على سبيل المثال لو كان الفعل يمثل جريمة تحت طائلة قانون الطفل مثلا.. أو قانون المطبوعات والنشر أو أي قوانيين تتصل بطبيعة الفعل نفسه فلا باس. غير أنني اقترح بشدة تعديل نص المادة ( 19) من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي ينص على أن: “يعاقب  بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من   استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أوحيازة كل ما من شأنه  أو ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام”. ليصيبح نهاية النص ” كل ما من شأنه  أو ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام أو  يشكل جريمة وفقا لقانون آخر ساري في سلطنة عمان”. هذه الإضافة كفيلة أن تحاسب كل من يتباهى بأفعال وجرائم ومخالفات ينشرها عبر الشبكة المعلوماتية أو الإنترنت.

كفى هؤلاء انشغالا للمجتمع والأسوياء فالمجتمع يستحق الانشغال بما هو أرقى من متابعة وتحليل من تعددت جرائمهم الإلكترونية…. والدليل من صنع صاحبه ! نحن  كمجتمع عماني مشهور بأخلاقه وهيبته نستحق أفضل من هذا ! “فلا يصح أن يصبح هؤلاء “نجوما ومشاهير يتصدرون الصفحات الاولى بارتكابهم المخالفات والجرائم ! “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى