المقالات

تدريب.. أريد به باطل!

بقلم: المحامية ميمونة السليمانية

إذا ما اتفقنا على أن مصطلح “التربية والتعليم المتلازمان” في منظومة التعليم في سلطنة عمان..فإن وفور وصول الطالب للصف الثاني عشر وتخرجه من المدرسة يكافح ربما هو..وربما بمعية أهله لأجل مواصلة “التعليم” بينما يسقط بند “التربية” من الحسابات والعذر هو إكتمال سن نضوج الفرد فقد بلغ سن الرشد والأهلية بإكماله عمر الثامنة عشر من العمر.

لااعتراض على ذلك.. إلا أن ما نغفل عنه بأن المسمى فقط هو الذي يختلف والأسلوب. فالطفل بحكم عمره ونموه يتطلب التوجيه المستمر من كلا الطرفين سواء الأهل أوالمدرسة. إلا أن ذلك لايعني بأنه قد إكتمل تربويا وتوجيهيا! والدليل على ذلك أن الجامعات ومؤسسات التعليم العالي لاتزال تتبنى مبدأ “التوجيه” إلا أنه وللأسف يقتصر على التوجيه “الأكاديمي” البحت دون إلتفات أو عناية أو أحقية للكادر الأكاديمي، وإن رغب في ذلك، فليس ذلك ضمن نطاق التوصيف الخاص بالإرشاد الأكاديمي. والنتيجة: إختفاء التوجيه المهني والإحترافي والأخلاقي من مناهج التعليم العالي. فيتخرج شباب عماني استثمرنا فيه ماديا الكثير وعبر سنوات..غير أنه لم يتلق الرعاية الكافية على الجانب الإحترافي والمهني أما الجانب الأخلاقي فالأمر يعتمد على بيئته الإجتماعية واهتمام الشاب بنموه الذاتي لاغير. إن ما يفوتنا هنا هو إكمال الجهود..ما يفوتنا هنا هو الوصول بمخرجات الشباب العماني لأقصى إمكانياتها العلمية والاحترافية وليس الإكتفاء بالجانب العلمي والأكاديمي. فمالفرد دون مهارات؟ ما الفرد دون إرشاد مهني وأخلاقي؟ ومن منا كامل .. نحن البشر في تعلم وتحسين مستمر في رحلة الحياة.

لاضير في النتائج السلبية التي ذكرتها..فهناك فرصة ممتازة، وفق علم الإدارة والموارد البشرية، بعد الإلتحاق بالعمل يطلق عليها ” التدريب” وفي رواية أخرى “التعلم المستمر” وفي رواية ثالثة ” بناء الكفاءات” وللأسف كثرت الروايات.. وما رأينا فعلا كثيرا!

أتعلمون لماذا لا نرى فعلا كثيرا؟! لأن المثل العربي يقول “فاقد الشيئ لايعطيه”! فأغلب المعاهد ومؤسسات التدريب ومنظومتها الحالية لاتنتمي إلى العصر الحديث! لابل العناصر القائمة على العملية التدريبية قادمة من بلدان ترزح في حضيض العالم الثالث في مجالات التدريب المعروضة. لاسيما أن اللائحة التنظيمية للمؤسسات التدريبية لاتتطلب أكثر من ٣ سنوات خبرة ليصبح الشخص مدربا! وبحد أقصى ٤ سنوات في التدريب الحرفي. والعملية التدريبية في الأخير عمل تجاري بحت وصاحب المعهد من حقه التفكير في تقليص النفقات قدر الإمكان على حساب جودة التدريب.

تذكروا آخر مرة أرسلتكم جهات عملكم لمعهد تدريبي محلي: المكان: موقع كئيب في أقاصي المدينة القديمة في محافظة مسقط أم الممتدة في ولاية السيب. أما المدرب فتطغى عليه لهجة بلاده حتى أنك تحتار أهذه اللغة هي اللغة الإنجليزية أم أنها نسخة تائهة من الشرق والغرب! والأدهى إذا كانت فئة الشباب الملتحقين بالبرنامج التدريبي بين فئتين إما المطلع عبر الإنترنت الذي لم يجعل في خاطر حد شي إلا لقاه على الشبكة العالمية.. أو من من فئة الحالم الذي يطمح لوضع وظيفي أفضل بفضل التدريب الذي يتلقاه!! فينطبق عليه الحديث الشريف ” فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى” صدق رسم الله. ومعنى “المنبت” هنا بضم الميم وسكون النون هو الشخص الذي يواصل المسير مواصلة مستمرة!!

هذا حالنا العاملين في القطاع الخاص ولا أذيع هنا سرا عن أحوال الأغلبية في التدريب. مستثنى من هؤلاء من يسافر كل صيف للسياحة بدعوى التدريب! مادري الرابط البرئ بينهما وهل بالفعل هذا التدريب فاعل للعامل وعادل لصالح تطوير العمل المؤسسي؟!
وكعادة عمود #سيادةـالقانون الأسبوعي فأشارككم أهم المعلومات القانونية التي تحكم التدريب في سلطنة عمان:
أولها: يخلو قانون العمل العماني من نصوص ملزمة وصارمة بخصوص تدريب العمانيين وإلزام الوافدين نقل الكفاءات والخبرات للعمانيين. فحاليا نصت المادة (١٣) بخجل موضوع التدريب حيث تتولى المديرية المختصة بالوزارة تقديم النصح والمشورة في مجالات التدريب. فكلنا أمل أن يتغير هذا الحال في قانون العمل العماني المرتقب.
ثانيها: صدور اللائحة التنظيمية للمؤسسات التدريبية بموجب القرار الوزاري رقم (٢٠١٠/٤٩٠ ) الصادرة عن وزارة القوى العاملة.وهي لائحة جيدة لتنظيم ترخيص المؤسسات التدريبية المختلفة التي تقسمها إلى ١) معاهد التدريب المهني داخل المؤسسات، ٢) مراكز التدريب المهني، و ٣) مكاتب الخدمات التدريبية. علما بأن الوزارة أوقفت ترخيص النوع الأخير المشار إليه وهو ” مكاتب الخدمات التدريبية الخاصة” بموجب القرار الوزاري رقم ( ٢٠١٥/٣٢) لمدة سنة اعتبارا من فبراير ٢٠١٥ ولاجديد حسب علمي حتى حينه.
ثالثها: وزارة القوى العاملة تلزم الشركات في القطاع الخاص للمساهمة في التدريب المهني العماني بواقع ٧٪ من الرواتب الأساسية للعاملين الوافدين للشركات التي لا تمتلك مراكز تدريب داخل مؤسساتها.فهل هذا الالتزام ما زال ساريا؟ فإن كانت الإجابة بالإيجاب: فمن الضروري مراجعة المساهمة وفق متطلبات التدريب المهني للشباب العماني الذي لايقتصر على الشائع لدينا بأن التدريب المهني موجه فقط للعمانيين لأجل حرفة كالصيد والنجارة والحدادة بل يشمل المهارات الإدارية بشكل شامل.كما يجب مراجعة النسبة المئوية التي من المفترض ربطها بالراتب الشامل للوافدين فكلما زاد راتب الوافد ارتفعت نسبة مساهمة الشركة ممايشكل دافعا للشركات وردعا في حال استمرار استقدام وافدين برواتب مرتفعة!

ياجماعة الخير.. أصبح الأمر واضحا للعيان ضرورات العصر. أوصي بخطوات عملية هامة قد تسهم في تطوير الوضع التدريبي العماني:
حسنا فعلت وزارة القوى العاملة حين عقدت مؤخرا ملتقى عن واقع التدريب في سلطنة عمان خلال هذا الصيف. غير أنني عاتبة بأن الملتقى كان محصورا على مالكي تراخيص المعاهد التدريبية لاغير! لماذا؟ لو قمتم بفتح المجال لحوار واسع من أطياق متعددة من المحترفين العمانيين المتمكنين مهاريا كل في مجالاته كالمالية والتدقيق ( وهما تخصصان مطلوبان للغاية والتوقع بزيادة النشاط المحاسبي والتدقيقي في ٢٠١٨ في ضوء التعديلات التشريعية الضريبية) وتخصصات أخرى كالتنمية البشرية والموارد البشرية والقانون والتصميم والتسويق والهندسة وغيرها كلها تخصصات هامة وحيوية.
حصر وطني للكفاءات والمهارات اللازمة لتطوير الكفاءات العمانية للإحلال محل الوافدين. كفانا تجاهلا لما و واضح: أغلب الوافدين المزاحمين للعمانيين ليسوا عمال بناء! هم فئة تقضي في عمان ما يزيد عنن ٢٠ سنة وربما ينتهي الأمر بتجنيسها فهل يعقل هذا؟! أي مهارة تلك التي لايكفيها ٢٠ عاما لتعمينها وليتعلمها العماني؟؟؟!!!!
رسم خارطة طريق بجدول زمني لايتعد مدته ٢٤ شهرا لتغطية كافة مناطق السلطنة وتوزيع مهام من أطراف الإنتاج الثلاث بتواجد شبابي ونقابي من إتحاد عمال السلطنة بصفتها بيت كل عماني عامل في القطاع الخاص.
ربط الشركات ذات أعلى نسبة وافدين من فئات الوظائف الإدارية بخارطة الطريق المرسومة ورفع نسبة مساهمتها في نفقات التدريب بنسبة أعلى من النفقات الحالية.
تعيين جهة محادية تتولى تنفيذ البرنامج عبر مجلس إدارة مستقل يقوم برفع نتائج التطبيق والتي بموجبها يتخذ الإجراء الإداري من قبل وزارة القوى العاملة بمنع أية مأذونيات عمل جديدة أو تجديد المأذونيات القائمة في حال التقاعس والفشل في تطبيق خارطة التطبيق.
إضافة بندين جديدين في عقود استقدام الوافدين بإرفاق خطة “نقل الكفاءات” للعمانيين بشكل شهري وبإشراف من وزارة القوى العاملة. الأولوية القصوى في التدريب تقتصر على العمانيين لاغير. رأيت تصلفا في تدريب وافدين برواتب مرتفعة ويفترض أنهم مستقدمون لأنهم جاهزين فتقوم الشركات العمانية بالتكفل بتدريسهم وصل الحمق ببعض الشركات لتمويل تدريسهم الماجستير والشهادات التخصصية المرموقة الدولية بينما الفتات يعود للعمانيين!!! بل لابد من وضع بند للعقوبات في حال مخالفة البند بحيث تعد مخالفة عمالية من قبل هكذا وافدين وهكذا أرباب عمل.

وما أقول غير فلنعمل على التدريب والتعلم للعمانيين في القطاع الخاص حتى لايستمر التدريب.. حق..أريد به باطل!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى