المقالات

بعد ٤٧ سنة و ٨٨٨ عضو مجلس إدارة.. لامكان للمرأة العمانية في أروقة مجالس الشركات!

بقلم:المحامية ميمونة السليمانية

عزيزي سيادة القانون
تحية طيبة وبعد،،
دعني أوضح في بداية رسالتي لك لهذا الاسبوع أمر هام .. هذه الرسائل أكتبها إليك لأن أدوارنا متكاملة.. فبدون سردنا للتطبيق العملي للتشريعات .. فإن عينيك مقفلتان بملئ جفنيك..

سأتناول تشريع وطني راقي وجوهري في بلادي وهو التصديق على إنضمام السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.. وأذكر سيادة القانون المبجل أنه قد مضى على صدور المرسوم السلطاني بالتصديق على هذه الإتفاقية المفصلية في حقوق الإنسان في بلادي منذ ٢٠٠٥.

أتعلم ما معنى ١٢ سنة؟! أتعلم أن هناك ٣ أجيال على الأقل من الإناث في بلادي تغاضى النجاح الوظيفي والحياتي عنهن بسبب عدم التطبيق؟! تعرف كيف ٣ أجيال؟ جيل سبق نفاذ المرسوم السلطاني وكان بالإمكان انقاذه قبل اللجوء للتقاعد المبكر نسبيا للمرأة مقارنة بالرجل، وجيل متوسط من المرأة العمانية ربما،إن كن محظوظات، وصلن لسلم الصف الثاني أو الثالث من القيادة، وجيل ثالث أصغر سنا إلتحق حديثا ويرى هذه الصورة المظلمة من ” السقف الزجاجي” التعيس في القطاع الخاص ضد المرأة!

لم يصدر منذ ٢٠٠٥ أي تشريع وطني أو لائحة تنفيذية تعكس نفاذ الاتفاقية وإلزاميتها أو حتى تحسينها لوضع المرأة في القطاع الخاص منذ ٢٠٠٥ ونحن محلك سر تشريعيا على الأقل.والأسوأ من ذلك أننا نعجز عن تتبع أو محاسبة جهة بعينها عن هذا التقصير الممتد ل ١٢ سنة ساهم أيضا في تفاقم الحالة غياب خطة تنفيذ تم مشاورة المرأة العمانية فيها في عدم إمكانية المحاسبة. والمؤشرات الحالية لا تبشر بأي تطور إيجابي في هذا الإتجاه.
سيادة القانون المبجل.. أطالبك بتحمل سطوري قليلا .. لأجل خاطر تطبيق أحكام المرسوم السلطاني بإنضمام السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. قد تتساءل تساؤلا مشروعا: وما جدوى كل هذا والمرأة العمانية بخير وعافية وماخذة حقها! فهي : أول خليجية تكتسب حق التصويت والترشح للبرلمان ١٩٩٤.. آمنت بالله ولا يمكن إنكار ذلك.. التوقيت والأدوات بتوقيع صاحب الجلالة السلطان قابوس وبإرادة ومباركة سامية.. ماذا عن المجتمع ؟ ألا ترى أننا غير مستوعبين بعد ذكورا وإناثا؟ غابت المرأة دورتين متتاليتين عن مجلس الشورى لعناصر فشل مركبة ربما أتيت عليها في رسائلي المستقبلية.. أستأذنك خل عنك هذا الطرح الآن..
ماذا عن واقع المرأة العمانية كقوى عاملة؟ كم نسبة شغل المرأة عمانية لعضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة العامة؟ عندما تجمع معها الشركات المساهمة المقفلة الصورة أسوأ بكثييير للأسف!
ما الذي يمنع الذكور متخذي القرار الحاليين من أن تتقلد إمرأة عمانية منصب رئيس تنفيذي لشركة مدرجة في سوق المال؟؟! تريد الجواب الصادم؟؟؟!! تأخرنا حتى بداية ٢٠١٧ لتتمكن إمرأة من شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة مساهمة عامة دون دخول عنصر ملكيتها المستقلة والشخصية للأسهم.
سيادة القانون ..
الأرقام أقوى لغة: هل تعلم بأن إجمالي عدد الشركات المساهمة العامة حتى نهاية ٢٠١٦ بلغ ١١٤ شركة مدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية بما فيهم صندوقين استثماريين والرقم المفصح عنه عن عدد الشركات المساهمة المقفلة لنفس الفترة هو ٣٤٨ شركة. وإذا جمعنا هذين الرقمين معا سيصل إجمالي الشركات المساهمة بشكل عام في السلطنة حتى نهاية ٢٠١٦ إلى ٤٦٢ شركة لايتجاوز عدد العمانيات في مناصب على مستوى مجالس الإدارة ومستوى الإدارات التنفيذية مهما بلغ فهو رقم لايتجاوز في أحسن الأحوال ٣٠ إمرأة. سؤالي من المسؤول عن تردي الحال بأن يصل من أصل ٤٦٢ شركة إجمالي عدد أعضاء مجالس الإدارة فيها ٨٨٨ عضوا تمثل المرأة فيها رقما هزيلا نتمنى الإفصاح الدقيق من جهات الإختصاص عنه؟! استبعد هنا من العضوية النساء المالكات لأسهم مستقلة تؤهلهن لشغل المناصب فيها.. وتتضاءل فرص المرأة العمانية بسبب شرط إداري يتطلب أن يكون العضو الممثل لحصص الجهات الحكومية تشغل منصب “مدير عام” في جهة عملها.. وهنا يتفاقم الوضع سوءا فكم عدد العمانيات ممن يشغلن منصب مدير عام! وماهي معايير التنافس والإختيار مع أقرانها من الذكور؟! والأهم: متى تصل المرأة العمانية لمنصب مدير عام لتتركه فارغا نظرا لقرب تعيينها المتأخر من سن تقاعدها المبكر! معادلة فاشلة ومعقدة في آن واحد!
أتعرف لماذا هذا الرقم الصارخ؟! لأن الذكور في بلادي لا يعيرون إهتماما لإنضمام السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وأنا هنا متفائلة لا بل إن أغلب القياديين الذكور في القطاع الخاص لايعلمون بإنضمام السلطنة إلى الاتفاقية هم فقط يعلمون أمرا واحدا الإحتفال بيوم المرأة العمانية كل ١٧ أكتوبر سنويا ببالونات وردية وبنفسجية اللون وكعكة رخيصة مهما غلا ثمنها مقابل حق المرأة في ما يلي :
أولا: حد أدنى إلزامي لنسبة المرأة في تشكيل مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة والمقفلة لايقل عن الثلث
ثانيا: حد أدنى إلزامي لنسبة المرأة في تشكيل الإدارات التنفيذية العليا والمتوسطة للشركات المساهمة العامة والمقفلة لايقل عن الثلث.
جدير بالذكر هنا أنه ووفقا لمقارنة أجريتها مع المملكة المتحدة فإن تقرير “ميرفين ديفيز” بشأن المساواة بين الجنسين في بريطانيا قد وضع هدفا لشركات فوتسي ١٠٠ بأن تصل نسبة التمثيل النسائي في عضويات مجالس الإدارة ٣٣٪ كحد أدني بحلول ٢٠٢٠.
ثالثا: حصر شامل للمرأة العمانية بكافة مستوياتها التعليمية من الثانوية العامة إلى الدكتوراه عبر وسيلة حصر شفافة وعادلة تضمن كل من تجد في نفسها العناصر اللازمة والقيادية لتولي المناصب القيادية في الشركات لتخضع لفحص ومراجعة على أيدي مختصين مشهود لهم بجهود ملموسة ، أظن اغلبهم من خارج السلطنة، لفقر الذكور العمانيين في هذا المجال
رابعا: استحداث معيار تقييم( KPI ) مدى تسامح وتقبل الذكور القياديين الحاليين . على أن يكون تقييم هذا المعيار مصدره حيادي وسري من العناصر النسائية اللائي في محيط هؤلاء الذكور وتوفير تغذية راجعة لكل قيادي ذكر بهذا الشأن ومحاسبته على أدائه في هذا المعيار
خامسا وليس أخيرا: استحداث آلية تبليغ مركزية ( Hotline + Whistleblowing) للإنتهاك لحقوق المرأة بشكل عام لاسيما في بيئات العمل في القطاع الخاص يراعى فيها السرية والخصوصية تتاح للمرأة عبرها التبليغ عن حالات الانتهاك في بيئات العمل والمنافية لإنضمام السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة الذي يعد تشريعا وطنيا ملزما منذ شهر ديسمبر من عام ٢٠٠٥ حيث صدر المرسوم السلطاني رقم ٤٢/ ٢٠٠٥.
هذا واختم قولي هذا بضرورة إجراء تعديل عاجل لتشكيل اللجنة الوطنية لمتابعة إنضمام السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة الشيمة .. لقد منحت اللجنة فرصة أكثر من الكفاية!
هيا يا سيادة القانون..الوقت يمر .. والكفاءات النسائية في القطاع الخاص..تهدر..ننتظر اجابتك هل هذا يصب في سد الفجوة بين الجنسين في القطاع الخاص؟ هل فعلا بعد ٤٧ سنة من النهضة المباركة نستمر في الاستسلام لعقليات ذكورية قررت أن المرأة العمانية بكل تاريخها وانجازاتها لامكان لها في أروقة مجالس إدارة والمجالس التنفيذية للشركات؟! وإلى متى تستمر الياقات البيضاء والزرقاء وبكل الألوان.. حكرا ذكوريا! ؟ وماذا ننتظر لصدور التشريعات الملزمة منذ ٢٠٠٥ لإحقاق المرأة العمانية حقها في عضوية مجالس إدارة الشركات حالها حال الذكور المسيطرين من ال ٨٨٨ عضوا؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى