وهج الحروف

شريداً ذو شرف

بقلم:ساره العيسائي

 

مُغمَضُ العينين .. أحكي لنفسي حكايات المَهد ..
وأُدندنُ بالأهازيج الحزينة المتنكرة .. تنتحِلُ ثيابَ الفرَح ..!
تحكِي عن ذاك المُهرِّج .. الضاحِك بين الدموع .. الباكي في ابتِسام ..
الطَّواف بين الحاراتِ والأزِّقة.. وبين أطلال مَدِينتي العتيقة..
ينثُر الورود فوق رؤوس الصغار.. ويزرع الشوك في حلوق الكِبار.. بحكاياتٍ ظاهرها بحلاوة السُّكر .. وباطنُها .. مُرّ العلقَم ..ينوح بين أنغامه الفرِحة..
أواه يا وجعي، و نَحيب أحلام الطُفولة..
أواه يا فرحي، وتسارُع نبضاتي العَجولة..
أواه يا مشيب أوراقي التي ما ذاقت طعم المطّر ..
أواه يا أثري الذي قبل أن يُوجد إندثر !
ثُم يضحك .. وهو يمسح دَمعة .. يلهو مع الأطفال .. ويحكِي لهم حِكاية ،
” وقطرةُ الماء يا صِغار.. ليست كقطرة العِطر .. ليست كقطرة الزيت .. ليست كقطرة المطّر ..!
وليس من حيل بينّه وبين أرضِ أحلامه ، كمن إليها وصَل وعَبر ..!
والغَيث ليس كخيوط الدَّمع .. ليس كَسيل الحِمم..!
وليس من يشكُو سُفوح الجبال ولا يُحركُ ساكِناً ، كمن يُحَلِّقُ رُغم خدوشه فوق القِمَم..!
يا للعبث الموشي بالأماني ..!
يا للألم المطرَّز بالقَصَب..!
يا لحَدائِق الأبد الفَتِيّة.. لا نصب فيها ولا وَصَب ..! ”

ثُم يُلملِمُ العَمُّ حكاياته وألعابِه وضَحِكاته..
إلا نزيف حرفٍ لم يستطع أن يُضَمِّده ..
فانبثق في غمغمة قانية بين الدُّموع .. وهو يضع حقيبته على ظهره .. مُنَكّس الرأسِ يمشي بخطى وئيدة ..
” إن كان ثمن العبور إلى واديهم المُقدّس .. أن تخلع روحك على بواباتِهم و ترتدي أسمال روحٍ لا تُشبهك .. فلا تدخل .. بل اهرُب ..!
واقنع بِدبيب حرفك في حروف التيه ..فلرُبما كان الوطن..!
كُن شريداً ذو شرف ،
ولا تكُن حقيراً ذو ترَف ..!”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى